الشاهد يحرّم المقرونة ويحلّل لنفسه "الصدقات"
عبد اللّطيف درباله
الشاهد يحرّم الطماطم والمقرونة انتخابيّا..
ويحلّل لنفسه “الصدقات” والهبات الانتخابية بالمليارات من أموال الدولة..!!!
يوسف الشاهد فصّل قانونا على القياس لمنع أشرس منافسيه من الترشّح للانتخابات الرئاسية.. بدعوى أنّه يجب منع المتاجرين بالمقرونة وعلب الطماطم والزيت.. والذين يستغلّون الجمعيات.. أو الإعلام.. لغايات انتخابية.. من الترشّح.. لخداعهم الناخبين واستعمالهم أساليب غير شريفة للتأثير عليهم وربح الأصوات..
لكنّ رئيس الحكومة في المقابل حلّل لنفسه استعمال وسائل الدولة وأموالها.. والهبات والهدايا والمنح من خزينتها.. للتأثير على الناخبين وشراء عواطفهم.. وذممهم.. وحشد الإعلام معه في طابوره الانتخابي..!!
الشاهد أصدر أخيرا قرارا منح بموجبه تخفيضات بما بين 30% و50% للإذاعات والتلفزات الخاصّة على معاليم الإرسال عبر الديوان الوطني للإرسال التابع للدولة.. كما منحهم إسقاطا للخطايا والغرامات السابقة.. ومهلة جديدة للدفع بالتقسيط لما بقي من المبالغ المستوجبة..!!
وهو طبعا إجراء كان يمكن أن يكون إيجابيا وعاديّا.. لولا أنّه يأتي في توقيت مريب جدّا.. مع بدأ حملة انتخابيّة حامية بين عدّة مترشّحين متقاربين من حيث الحظوظ..!!
الإجراء الذي قدّمه الشاهد هديّة ثمينة للإذاعات الخاصّة.. والتلفزات الخاصّة.. والذي كلّف الدولة مئات آلاف الدنانير.. وربّما ملايين الدنانير.. هو عبارة عن محاولة “رشوة” مقنّعة.. سعيا لشراء ولاءات أصحاب الإذاعات والتلفزات الخاصّة.. والتي تسيطر بطبيعتها على أعلى نسب الاستماع والمشاهدة.. ولها بلا شكّ تأثير بالغ وثقيل على توجيه الرأي العام.. وعلى الناخبين..!!!
وللضحك على الذقون.. وإخفاء شبهة توقيت هذا القرار الحكومي السخيّ لوسائل الإعلام الكبرى وقت الحملة الانتخابية التي يترشّح فيها رئيس الحكومة لرئاسة الجمهوريّة.. ويشترك فيها حزبه وسبعة وزراء من حكومته معه في الانتخابات التشريعيّة.. زعمت الحكومة أنّ القرار يأتي تفعيلا لمقتضيات اتّفاق سابق في جانفي 2017..!!!
أي أنّ حكومة الشاهد لم تتذكّر تفعيل اتّفاق وقرار سابق منها طوال سنة ونصف.. إلاّ مع بدأ حمى الحملات الانتخابيّة التي تلعب فيها وسائل الإعلام لا سيما الخاصّة منها دورا محوريّا ومؤثّرا..!!؟؟!!
قبلها بأسابيع.. أيضا وأيضا.. قام رئيس الحكومة يوسف الشاهد بإقرار تكفّل الدولة بخلاص جزء من متخلدّات معلوم استهلاك العائلات المعوزة ومحدودة الدخل إزاء الشركة التونسية للكهرباء والغاز.. وقد شمل هذا الاجراء 660 ألف عائلة.. لتتكفّل الدولة بخلاص جزء من متخلّدات ديون المنتفع بالامتياز في حدود 40 بالمائة.. والذين لم يتسنّ لهم دفع معاليم استهلاك الطاقة بعنوان فواتير استهلاك الثلاثيّة الأخيرة قبل صدور منشور الحكومة..
وغنيّ عن القول بأنّ الأموال التي خصّصتها حكومة الشاهد للغرض والبالغة حوالي 50 مليون دينار.. والتي شكّلت هبة حكوميّة كريمة.. وبشمولها 660 ألف عائلة.. تشمل في الواقع نظريّا وحسابيّا أكثر من 1.2 مليون ناخب.. وهو رقم مهول جدّا.. يعتقد الشاهد أنّهم سيكونون ممتنّين له ولحركته النبيلة.. وقد يعبّرون له عن ذلك في صندوق التصويت..!!!
يوسف الشاهد لم يقف عند ذلك الحدّ.. فقد بادر بعدّة إجراءات اجتماعيّة أخرى مكلفة في الأسابيع الأخيرة لفئات مختلفة.. بمسميّات مختلفة..!!!
كما أنّه بدأ طوال الأسابيع الأخيرة سلسلة زيارات لبعض الولايات الداخليّة.. وعقد عدّة مجالس جهويّة.. أعلن خلالها عن عشرات القرارات لكلّ ولاية.. في محاولة للحصول على الإعجاب.. وعلى الأصوات..!!!
في نفس السياق يأتي أيضا الإعلان الفجئي لرئيس الحكومة عن تفعيل قرار إيقاف نشاط مصنع “السياب” في صفاقس.. في وقت بالغ الحساسيّة.. رغم أنّ الشاهد لم يفعل ذلك طوال ثلاثة سنوات من حكمه..!!
هذه.. وغيرها من القرارات الأخرى العديدة التي يوزّعها الشاهد يمينا ويسارا.. بسخاء غريب هذه الأيّام.. ولا يزال يوزّعها طوال هذه الأسابيع المتزامنة مع الحملة الانتخابيّة.. والتي تكلّف ميزانية الدولة مئات ملايين الدينارات..
والتي وإن كان بعضها مطلوبا وفي محلّه.. فإنّ توقيتها يدلّ بلا شكّ على أنّ المترشّح للانتخابات يوسف الشاهد.. وجزء من حكومته المترشّحة أيضا.. لهم نوايا انتخابيّة.. وليس شعبيّة أو وطنيّة..!!
وكأنّ الشاهد بعد ثلاثة سنوات من رئاسته للحكومة.. استفاق فجأة على صوت الواجب.. فقط ثلاثة أسابيع قبل يوم الانتخابات..!!!
خلاصة القول أنّ يوسف الشاهد وزمرته.. الذين انتقدوا قيام بعض المرشّحين للانتخابات.. بنشاط خيري.. أو برئاسة جمعيّات مدنيّة.. أو بامتلاك قنوات تلفزيّة ووسائل أعلام.. أو بصرف الأموال في مساعدة مواطنين بطرق مختلفة..
وسنّوا قانونا على القياس لحرمانهم في اللحظة الأخيرة من حقّ الترشّح للانتخابات.. لولا أن سقط القانون في الماء..
حرّموا على منافسيهم ذلك.. وحلّلوا لأنفسهم في المقابل.. توزيع الصدقات والهدايا والعطايا على المواطنين يمينا ويسارا.. على نطاق واسع.. بما في ذلك استقطاب وسائل الإعلام الكبرى الخاصّة.. الغارقة في الديون للدولة.. عبر التنازل لها عن ملايين الدينارات “جهارا بهارا”..
لكن مع الفارق بأنّ يوسف الشاهد وزمرته وحزبه يصرفون في الأعمال التي حرّموها على منافسيهم من خزينة الدولة.. وليس من جيبهم الخاصّ.. أو من جيب المتبرّعين والمتطوّعين..!!!