مشاكل التزويد بالماء الصالح للشرب.. ومشاكل التزويد بالحكومات غير الصالحة للحكم..!!
عبد اللّطيف درباله
في صائفة 2012.. انقلبت الدنيا رأسا على عقب نتيجة انقطاع المياه عن بعض مناطق الجمهوريّة..
وشنّ الإعلام والسياسيّون حربا شرسة بلا هوادة ضدّ حكومة الترويكا التي كانت في السلطة حينها.. متّهمين إيّاها بالمسؤولية الكاملة عن انقطاع المياه.. مستخلصين فشلها في الحكم.. وعجزها عن إدارة الدولة..!!
لكن.. خرجت حكومة الترويكا من الحكم في بداية سنة 2014.. وبقيت مشكلة نقص التزويد بالمياه الصالحة للشرب في تونس تتّسع زمنا وجغرافيا.. بنسق سريع ومخيف.. لتشمل مناطق أوسع في كامل أرجاء الجمهوريّة.. ولأوقات أطول صيفا وشتاء..!!
سبع سنوات كاملة..
وعدّة حكومات..
ومشكلة التزويد بالمياه تتفاقم في تونس..!!
وكان التبرير السهل أنّ الجفاف ونقص الأمطار وانخفاض مخزون السدود هو السبب الرئيسي..
وقيل أيضا أنّ إصلاح بعض الأعطال.. وصيانة الشبكة.. وأشغال مدّ بعض القنوات.. ستحلّ المشكل قريبا..
غير أنّ الأمطار نزلت حدّ الفيضان في خريف 2018.. والشتاء الموالي له.. وامتلأت السدود حدّ التخمة.. باعتراف وزارة الفلاحة نفسها.. لكنّ المشكل لم يحلّ..!!!
وهو ما يعني بوضوح أنّ سبب اضطرابات التزويد بالماء الصالح للشراب ليس نقص المخزون المائي كما يدّعي البعض عبثا وزيفا.. للتهرّب من المسؤوليّة..!!
تخيّل أنّنا في سنة 2019.. ولا تزال قرى ومدنا ومراكز ولايات تعاني شحّ التزويد بالماء الصالح للشرب طيلة سنوات..!!
بما أصبح معه المشكل مزمنا وليس ظرفيّا..!!
وبعضها يبقى الماء منقطعا فيها لأيّام كاملة متتالية..!!
والكثير منها يحدث معها ذلك في عزّ الصيف الحار والجافّ..!!
وهو ما يسبّب معاناة شخصيّة وحياتيّة واجتماعيّة لمئات الآلاف من المواطنين..!
إضافة إلى المخاطر الصحيّة.. واحتمالات انتشار الأمراض والأوبئة..!
علاوة على ما يسبّبه الأمر من أضرار اقتصاديّة بالغة..!!
أخيرا.. يوم عيد الأضحى.. انقطعت المياه بصفة جماعيّة “وبائيّة” عن أغلب مناطق الجمهوريّة صباحا.. بما فيها العاصمة..!!
وخرج علينا الرئيس المدير العام لشركة المياه بتبريرات واهية.. بالقول بأنّه تمّ استهلاك 80% من مخزون المياه خلال الساعة الأولى بعد صلاة العيد.. في محاولة فاشلة لتفسير انقطاع المياه الشامل صبيحة ذلك اليوم..!!
وكأنّ التونسيّين يحتفلون بعيد الأضحى.. ويذبحون الخرفان.. ويستعملون المياه للتنظيف.. للمرّة الأولى في تاريخ تونس..!!!
أو كأنّ التونسيّين كانوا منظّمين جدّا لأوّل مرّة فقط في هذا العيد.. وجهّزوا جيشا من مائة ألف جزّار.. وانتظروا جميعا ساعة الصّفر.. ثمّ انقضّوا على الأضاحي معا في وقت واحد مباشرة بعد صلاة العيد.. فذبحوا ونظّفوا واستنزفوا المياه جميعهم في الساعة الأولى نفسها..!!!
كذب وتزييف للوقائع..!!
طيلة سبع سنوات كاملة من بداية أزمة توزيع وتزويد المياه في تونس.. ولم يطلع علينا أيّ مسؤول حكومي أو إداري بتفسير علمي وتقني مقنع.. مفصّل وشامل.. يشرح أسباب المشكل بطريقة علميّة واضحة ومعقولة ومنطقيّة.. ويبيّن لنا الحلول.. ويخبرنا ماذا فعلت الدولة لحلّ الأزمة الآن.. وفي السنوات القادمة..؟؟!!!
هل واحد منكم سائر المواطنين.. يعرف يقينا وبالفعل أسباب مشكل اضطراب وانقطاع توزيع المياه في بلادنا..؟؟!!!
إنّ استمرار الأزمة لما يزيد عن سبع سنوات متتالية..
واتّساع نطاقها عوض إنحسارها..
يدلّ على أنّ الدولة.. والحكومات المتعاقبة.. والإدارات المختصّة..
إمّا أنّها غير مهتمّة بالمشكل أصلا..!!
أو أنّها غير قادرة على تشخيص المشكل وإيجاد حلول له..!!
أو أنّها لم تشرع بتاتا في الإصلاحات اللاّزمة.. وفي تنفيذ مخطّط كامل ومحكم لإنهاء مشكل توزيع المياه في الجمهوريّة من أساسه..!!
وفي كلّ الحالات فهذه الحكومات المختلفة.. والإدارات المختصّة.. فاشلة.. وعاجزة..!!
والحقيقة.. أنّني لا أعرف.. ولا أستوعب.. تماما.. كيف استطاع سكّان الكثير من المناطق التي تعاني الانقطاع شبه المزمن للماء.. الصّبر على هذه الكارثة طيلة أشهر أو سنوات..؟!
ولا أفهم كيف أنّهم لم يتحرّكوا بطريقة جماعيّة وقويّة ومؤثّرة.. وعند اللّزوم موجعة.. حتّى تذعن الحكومة والإدارة.. وتجد لهم حلولا سريعة لتدفّق المياه..؟؟!!