تونس الجديدة فعلا.. "بالفم والملا"..!!
عبد اللّطيف درباله
صورة جميلة اليوم في صلاة العيد.. رئيس الجمهوريّة المباشر للحكم يجلس بجامع قرطاج.. وعلى يمينه مترشّح للرئاسة.. وعلى يساره مترشّح للرئاسة..!!
مرشّحان يتنافسان على منصبه الوقتي..!
رئيس الجمهوريّة نفسه وصل للسلطة إثر وفاة الرئيس السابق له.. بطريقة سريعة وسلسة وهادئة.. وفقا للدستور.. ولم ينازعه في الحكم أحد.. ولم يسع أيّ شخص لقطع الطريق عليه.. بل أنّ كلّ الأحزاب ساندت استلامه للسلطة فورا.. وساعدته في ذلك.
وعلى يمينه نائب رئيس مجلس النواب.. أي نائبه هو نفسه سابقا.. والذي يدير الآن مجلس النواب عوضه.. وقد ترشّح للرئاسة..
وعلى يساره رئيس الحكومة.. وهو بدوره مترشّح للرئاسة..
وبذلك يكون عيد الأضحى المبارك 2019.. عيدا تاريخيّا في تونس..
الامتداد للصورة هو أنّ رئيس الحكومة الحالي.. يجلس بدوره على يساره رئيس الحكومة السابق له الحبيب الصيد.. بما يظهر تداول واستمرار السلطة.. رغم تغيّر الأشخاص..!!
الوجه الآخر للصورة.. هو أنّه وقبل الانتخابات بحوالي شهر واحد.. فإنّه لا أحد في تونس اليوم يستطيع أن يجزم بتحديد رئيس تونس القادم..!!
فهناك عشرات المرشّحين للانتخابات الرئاسية.. لينتهي بذلك عصر الرئيس الواحد مدى الحياة..
وهم مرشّحين جدّيين.. وليسوا مجرّد كومبارس كالذي كان بن علي يكمل بهم ديكور مسرحيّات الانتخابات المزعوم أنّها ديمقراطيّة.. وهي في الواقع تمثيل وكذب وتدليس..!!
قبل شهر واحد.. يحافظ السباق الرئاسي على تشويقه وغموضه الكامل.. ويطرح الجميع التساؤلات بجدّ عن من سيكون فعلا رئيس تونس القادم..؟؟!!
وبرغم أنّ رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد يمسك بالسلطة.. فإنّه لا يستطيع مع ذلك أن يضمن لنفسه لا الفوز في الانتخابات الرئاسيّة.. ولا التشريعيّة..
وهو ليس في طريق مفتوح للحصول على المنصب رغم سيطرته على الحكم.. واستعماله أدوات الدولة..
كما أنّ عبد الفتاح مورو.. وبرغم كونه نائب رئيس مجلس النواب.. والمرشّح عن الحزب السياسي صاحب أكبر كتلة في البرلمان الحالي.. والأكثر تماسكا في الوضع السياسي اليوم.. فهو أيضا ليس في طريق مفتوح للفوز..
والعضو في الحكومة وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي مثلا.. ترشّح للانتخابات الرئاسيّة أيضا.. واستقال من منصبه لخوض الانتخابات.. في حين أنّ وزير الدفاع في مصر مثلا انقلب على الرئيس الشرعي والبرلمان الشرعي سنة 2013.. عبر الجيش والدبّابات.. واستولى نهائيّا على السلطة.. ونظّم عمليّتي انتخاب صوريّة.. كانت الأولى على قياسه.. وحبس في الثانية كلّ منافسيه الجديّين فيها.. وفاز فيهما بالرئاسة..!!
وإن كان ذلك لا يعني أنّ الديمقراطيّة في تونس أصبحت راسخة وقويّة ونهائيّة ولا خطر عليها.. فإنّه لا بدّ من التنويه بما بلغته تونس من تقدّم في الممارسة الديمقراطيّة.. رغم كلّ النقائص والعيوب ونقاط الضعف..!!
لكن للأسف.. فإنّ هذا التغيير والتقدّم السياسي.. لم يواكبه تغيّر وتقدّم اقتصادي واجتماعي.. بنفس النسق وعلى نفس المستوى.. بما يستجيب لتطلعّات الشعب التونسي وأحلام الثورة..!!