أدخُلُوا البُيوت منْ أبْوابِها
المنجي السعيدي
الذين يقْتحمون عالم السّياسة لأول مرّة -ومنْ شابههم من المُهرْوِلِين رغم القِدم- حرِيٌّ بهِم أن يأتوا البيوت من أبوابها بدَل التّسلُّلِ إليْها من دهالِيز الظّلام ومسْتنقعاتِ العفَنِ والمكْرِ السّيءِ،
لأنّ الأبواب الحقيقية للْحُضُور السياسي الفاعِل والنّاجِح لم تكن يوما إثارة نعَرات أو افْتعال معارك مع خصوم سياسيين أو جلب الاهتمام بتحويل وجهة الرأي العام نحو متاهات هامشية أو صراعات إيديولوجية أو التّباهِي بقذْفِ السّماء بالحَجر أو تقمّصِ عنْترِيّات الزمنِ الغابِر وبطولاته الكرْتونيّة، فهذه حلقات منفصلة لا يستمر وجودها طوِيلًا، وأقواس تُفْتح لفِترة وسُرْعان ما تُغْلقُ وينتهي معها وجود أصحابها.
فمن تاقت نفسه إلى عالم السياسة ورَام فِي ذاتِه قدْرةً على خوض غمارِها وصبْرًا على معاناتِها، فلْيَنْخرِطْ فِي استشعار هموم النّاس وآفاقِهم ولْيُعبِّرْ عن إضافاتِهِ في قضايا السيادة الوطنية وتطْوِيرِ مجال الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية والتربية والثقافة المنْبثِقة منْ هويّة الشّعب وعُمقه الحضاري ولْيَعْملْ على ترْقِيَة روح المواطنة والتكافل واحترام الذات البشرية وتنميتها والاستثمار فيها. ماعدا ذلك يُعْتبر خبْطًا عشْواء ومراهقة سياسية وإهدارا للوقت وتضْيِيقًا للفضاء.