بن بريك يشم رائحة الثّورة على نبيل القروي…
صالح التيزاوي
وصلتنا عبر شبكات التّواصل صورة تختزل كلّ تناقضات المجتمع التّونسي ورداءة نخبه المحسوبة زورا على الحداثة، توفيق بن بريك جنبا إلى جنب مع كبير “المركانتيّة” المتهرّبين من دفع الضّرائب المستحقّة للدّولة، ليزّفّه رئيسا محتملا للشّعب التّونسي… أليس هو الطّاعم الكاسي؟
لطالما كان توفيق بن بريك، يعيب على زملائه في المهنة أنّهم مثل “القراد والقمّل” لا يعيشون إلّا من القاذورات، فهل شدّ الرّحال من جريدة “Lacroix” إلى تونس ليشمّ رائحة الثّورة على نبيل القروي؟ أم تراه طار من باريس إلى تونس الثّورة ليكمل الفصل الأخير من سيرته الذّاتيّة في كتابه “كلب بن كلب”. صورة اليوم جعلتنا نتأكّد لما لا يدع مجالا للشّكّ أنّ البطل “سعد كوبوي” بطل الرّواية، هو توفيق بن بريك نفسه في بذاءة لسانه وفي لغة روّاد الحانات.
كم كانت مقزّزة صورة الصّحفي توفيق بن بربك نصير “البروليتاريا” وسيف الفقراء المسلول على البرجوازيْة و”الماركانتيّة” الذين لا يشبهون غالبيّتنا نحن القادمين من وراء البلايك كما كان يقول. فهل اكتشف أخير أنّ القروي يشبهه، فقرّر أن ينحاز إليه ويسير في ركابه وينخرط في جوقة المروّجين له؟!
لا أريد أن أقسو على توفيق بن بريك الذي عارض بن علي بشراسة، أدّى ذلك إلى سجنه وسحب جوازه، لينتهي به الأمر إلى لاجئ سياسي في فرنسا وموظّفا بصحيفة “Lacroix”. فالرّجل يبدو وكأنّه يعاني من “متلازمة كوشينغ” تنتج عن ارتفاع نسبة “الكورتيزول” في الدّم،. ومن أعراض هذه الحالة: السٍمنة، والوجه المستدير وبروز حدبة بين الأكتاف، تنتج حالة من القلق الدّائم والإكتئاب وفقدان القدرة على التّحكّم في الإنفعال، وقد تؤدّي إلى القيام بالفعل وضدّه.
ولعلّ ذلك ما يفسّر عدم استقراره على حاله وسرعة تلوّنه السّياسي، فمن يساري منتصر للثّورة في وجه البرجوازيّة والمركانتيّة إلى قاطع طريق مع الجبهة الشّعبيّة على أحد أبرز أبناء الثّورة ورموزها ومثقّفيها الدّكتور المنصف المرزوقي رغم أنّه يشبههم ويشبه عموم الشّعب التّونسي. وها هو يجترح ذات الخطيئة فينتصر لمركانتي متحيّل على الدٍولة وعلى الشّعب بإعلام موجّه وعمل جمعياتي، ظاهره فعل الخير وباطنه سياسة..
مصيبة تيّار اليسار الثّقاقي الإستئصالي في تونس بشقّيه التّجمّعي والفرنكفوني أنّهم في اللّحظة الحاسمة يتبوّلون على المبادئ اليساريّة الحقيقيّة ويخونون حتّى رموزهم، فيصوّتون على عكس وصيّة “صغيرهم” لأعداء الطّبقات الكادحة التي لطالما احتكروا التّظاهر بالدّفاع عنها في وجه أعدائها ومستغلّيها.