ورثة "الجثمان الانتخابي"
منذر بوهدي
اجتمع مجلس نواب الشعب فيما بدا انه جلسة تأبين للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي رحمه الله وانتظرنا جلسة مهيبة على غرار موكب جنازته، يقرأ في مستهلها ما تيسر من القرآن الكريم ومن ثم ينشد النشيد الوطني وتنطلق كلمات النواب للثناء على خصال ومزايا الرئيس الباجي رحمه الله التي استفادت منها تونس طوال خمسين سنة من خدمة الدولة.
غير اننا اصطدمنا بوابل من المداخلات العنيفة والمبتذلة تصل حد الركاكة والبلادة، طغى عليها تبادل الاتهامات والعراك على “الجثمان الانتخابي الرمزي للباجي قائد السبسي” من ورثته الشرعيين والدخلاء بالاضافة الى اتباع الوريث الطبيعي الفيزيولوجي امام عدسة الكاميرا للتلفزة وعلى مسمع الإذاعات..
اتهم بعضهم نواب الشقوق الاخرى بخيانة الرجل وعقوقهم لروحه الأبوية والمتسببين في انخرام حركة نداء تونس التي كانت قد مثلت مجد مؤسسها ومكنته من الفوز بالرئاسة وكانت تجمعهم يوما في اكبر كتلة نيابية بالمجلس إبان فوزهم بالانتخابات التشريعية لسنة 2014، وان الأب الرئيس الملهم مات غاضبا عليهم وانه أوصى بحرمانهم من الميراث الانتخابي له ولا يحق لهم الْيَوْم التحدث عنه ولا تمجيده بعدما صدر منهم من تصرفات تسببت في تفكيك وتشتيت الحركة التي بعثها ابوهم وكانت تأويهم جميعا.
ومنهم من ذهبوا في تبرير خروجهم وانشقاقهم مما كان يعرف بحركة نداء تونس بانسداد الأفق وذكروا بحرب الهراوات والعصي وانهيار القيم وتكالب الجميع على المناصب وانسداد الأفق مستشهدين باستقالة الباجي من الحزب الدستوري عندما اختلف مع بورڤيبة حول تكريس الديمقراطية وذلك لتبرير انشقاقهم وذهابهم في تشتيت الحركة وانه على العكس تماما فان شق تحيا ومشروع وقلب ورئة وكبد تونس لهم الأولوية والأحقية في تمجيد الرئيس ووراثة جسمه الانتخابي المشتت الْيَوْم بين أعضاء متناثرة متناحرة على موروث لم يعد يجدي نفعا لاي من الشقوق.
صحيح ان الرئيس حضي باحترام وتعاطف شعبي بعد وفاته وبمناسبة تنظيم موكب جنازته ولكن لا علاقة لذلك بأدائه كرئيسا للبلاد ولا لإدارته للصراعات والأزمات التي عرفتها تونس بل ان رصيده الانتخابي تآكل حتى قرب ينفذ قبل وفاته بفترة قصيرة، ولكن لطرافة الرجل وكريزمته الفريدة ولطول فترة عمله بالمجال السياسي الذي يحبذه نسبة من التونسيين.
ان هذا الصراع على “ميراث الباجي الانتخابي” بعدما أفلس جل الشقوق وباتت مرحلة مرورهم بالمجلس النيابي وبالحكومة وبالرئاسة ايضا هي الأسوء والأكثر سوادا في تاريخ تونس حيث بالاضافة الى شلل الاقتصاد فقد ظهر على بعضهم ثراء مفاجىء وتبادلوا التهم بالفساد والخيانة والتوريث البيولوجي لابن الباجي وغيرها من المظاهر الفضيعة التي تابعها التونسيون مع هذا الفصيل السياسي الغريب “نداء تونس ” وما تفرع عنهم من شقوق لقد اسقطوا السياسة في مستنقع الفساد على شاكلة الأخطبوط وتصارعوا على الاقتسام فانقطعت بهم السبل وذهبت ريحهم فتبعثرت مكوناته.
لا شك ان هذه الجلسة التي يمكن ان نعتبرها ختامية لبرلمان تونس قبل العهدة البرلمانية القادمة كانت وفية لما عهده التونسيون من القرف والازدراء الذي اصابهم من تصرفات اغلب نوابه فشاهدوا من يدلس التصويت وتابعوا من يشاهد الفيديوهات الاباحية في بث مباشر لاحد جلساته وحضر احدهم في حالة سكر واضح وخطب في البرلمان منتشيا.
وشاهدنا مسرحيات التناحر والتشابك بالأيدي وسب الجلالة وغيرها.
سيذهب كل هذا ويدخل طب النسيان متى انتبه الناخب التونسي الى من منهم يريد ان يكرر علينا هذا المشهد الردىء.
رجاءاً انتبهوا أيها التونسيون والتونسيات في الانتخابات التشريعية المقبلة الى مثل هؤلاء الورثة غير الشرعيين…