الثلاثاء 1 يوليو 2025

اللّحْية.. في القلب !!

عبد القادر عبار

1. ان هذا لشيء عجاب
من أطرف التعليقات الغامزة للزمن الثوري تعليقان :
التعليق الأول: سمعت احدهم يقول متندرا.. “سبحان الله بعد الثورة.. الناس الكل ربت اللحية” ولكن شتان مابين الملتحين قبل الثورة والملتحين بعدها.
التعليق الثاني: ما قاله لي احدهم متوجسا: “سبحان الله.. جماعة التجمع اللي تابوا بعد الثورة.. كلهم بدؤوا يصلوا قابضين  هذي فيها “إنّ”.
اللحية.. بدل الحلق.. والقبض.. بدل السدل.. ان هذا لشيء عجاب.
2. لحيته.. في قلبه
اللحية في الوجه والقبض في الصلاة. كانا في زمن البؤس السياسي.. عنوان الانتماء وشارة الخروج عن المألوف الفقهي والسمت الاجتماعي وتأشيرة الإزعاج الأمني.
زمان كان يتميز فيه الملتزم عن غيره بلحية مهذبة مشذبة ومعطرة.. بريئة من التحزب. تقطر فقها وتقوى. تزين السمت وتنور الوجه.
ومن عجيب ما بلغني ان احد أعوان البوليس السياسي في قابس قال لزميل له في زمن المداهمات في الثمانيات.. أظن أن فلانا (ع.) ليس له صلة بالجماعة.. فليس يظهر عليه شيء من الالتزام ووجهه أمرد منذ عرفته فرد عليه متهكما.. لا يخدعنك مظهره.. ذلك داهية.. لحيته في قلبه وهو من أخطرهم.
3. يوم حلقوا لحية المرحوم “مبروك الزرن”
كان يوما عصيبا من أيامنا في الداخلية في فتنة 87.. فتح باب “الجيول 7” فجاة ودخل احد الأعوان واشار إلى احد زملائنا من تطاوين مستدير الوجه كثيف اللحية.. وأمره بالخروج.. ثم أغلق الباب فتوجسنا شرا.. ثم لم يلبث إلا قليلا حتى عاد الينا وهو محلوق اللحية أمرد.. ثم استدعي الشهيد المرحوم “مبروك الزرن” وقبل ان يخرج اقسم لنا متوعدا انه لن يستسلم لهم ولن يمكنهم من حلق لحيته التي كان يربيها منذ الاستقلال وكنا نعرف صدقه و قوة شخصيته وعناده في الحق.. فقلنا “ربي يستر” ولم يرجع إلينا إلا بعد ساعة.. ظننا فيها كل الظنون وذهبت بنا التخمينات مذاهب شتى.. حصدوا كل لحيته ولم يسلم من آلتهم إلا شارباه.. كان الغضب واضحا على محيا الشهيد والتوتر فاضحا.. ساد الوجوم الجيول وهبنا إن نسأله أو نستفسره لوقاره وهيبته في قلوبنا.. ثم اخذ مكانه في فراشه وكنت لصيقه.. وبعد صمت رهيب نطق الشهيد موضحا ومنبها وموجها “يجب ان لا نستسلم يجب ان نقاومهم وان لا نتنازل عن شيء إلا بمقابل ليعلموا أننا لا نساوم ثم قال.. لم يستطيعوا مسها بالموسى الا بعد ان كتفوني.. عاركتهم شتمتهم قاومتهم ولما رأوا شدة عنادي قلت لن أمكنكم منها إلا بعد أن تردوا الي ساعتي اليدوية.. وفعلا هاهي الساعة انتزعتها منهم لنعرف أوقات صلاتنا (وللعلم فالساعة اليدوية ممنوعة وتؤخذ عند أول الدخول الى الداخلية مع الأشياء الشخصية الاخرى..).
ولما جاء دوري.. قلت معزيا نفسي.. لا داعي للعناد.. فاللحية في القلب.. ابلغ من لحية في الوجه.
4. من أراد أن تطول لحيته فليمشطها من أسفل
جيء إلى الحجاج بصندوق قد أصيب في بعض خزائن كسري مقفل، فأمر بالقفل فكسر فإذا فيه صندوق آخر مقفل، فقال الحجاج: من يشتري مني هذا الصندوق بما فيه ولا أدري ما فيه؟ فتزايد به أصحابه، حتى بلغ خمسة آلاف دينار، فأخذه الحجاج ونظر فيه، فقال: ما عسى أن يكون فيه إلا حماقة من حماقات العجم! ثم أنفذ البيع وعزم على المشتري أن يفتح الصندوق امامه ويريه ما فيه، ففتحه بين يديه فإذا فيه رقعة مكتوب فيها: من أراد أن تطول ليحته فليمشطها من أسفل.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

بين الإمام مواطنًا.. والإمام خطيبًا

عبد القادر عبار للأسف، لا تزال صورة الإمام الخطيب.. عند كثير من الناس مظلومة، وحقوقه …

مناظرة غير متلفزة بين الملك ويوسف !

عبد القادر عبار 1. لان الشيء بالشيء يذكر على قول المثل.. ذكرتني المناظرات الرئاسية التلفزية …

اترك تعليق