محمد بن نصر
قرأت تدوينتين كلتاهما تمجد الرئيس الباجي رحمة الله عليه. تدوينة يسارية تقول إن أفضل ما قام به الباجي تحجيم قوة الإسلاميين وتدوينة إسلامية تقول إن أفضل ما قام به الباجي تحجيم قوة اليساريين. أضحكني غباءهما المركب. لم يتفطنا أنه في هذا المجال تحديدا، لم يفعل الباجي سوى تعميق الجرح الغائر بين اليساريين والٱسلاميين الذي خلٌفه اغتيال شكري بالعيد وتعميق الجرح الغائر بين الإسلاميين والقوميين الذي خلّفه إغتيال الحاج البراهمي وجعل الجميع يطلب ود التجمّعبين.
إلا الحماقة أعيت من يداويها فالعقل الذي هندس الإغتيالات السياسية هو نفس العقل الذي هندس “فضائل” الباجي في هذا المجال. ومع ذلك أنا على يقين أن الإلتقاء سيحصل ولو طال الزمن بين الإسلاميين واليساريين ولكن بعد أن يتخلص الإسلاميون الأحرار من الإنتهازيين الإسلاميين ويتخلص اليساريون الإجتماعيون من اليساريين الأيديولوجيين.
على هامش الحدث
ما رأيته وما سمعته من أحاديث النفاق ومن تزوير للوقائع ونحن نودّع الرئيس الباجي رحمة الله عليه الوداع الأخير، أمر يفوق الخيال. تمنيت لو تحلّوا بالصمت ولكن نحن أمام أوعية تُملأ وتُفرغ حسب الحاجة. قليل من الحياء، فنحن في زمن المواقف فيه مسجلة بالصوت والصورة ولم تعد محفوظة في أرشيف نتحكم فيه بل هي متوفرة لكل من أراد أن يعيد نشرها.
أجمل ما نودّع به أمواتنا الدعاء والصمت المهيب. ومن أروع ما قالت العرب في الصمت :
صديقي قال لي يوما يعاتبني
لماذا أنت كالتمثال أحيانا !!
تطيل الصمت حتى تبتغي فلكا
من الأفلاك تأويه وتنسانا
أطيل الصمت لا الصمت أعشقه
ولكن فيه دنيا غير دنيانا
نداء من وراء الكون أسمعه
فيبعث في حطام النفس إنسانا.
الموت هو أكثر الأشياء عدالة بين الناس “كل نفس ذائقة الموت” تأمّلوا في الموت واعتبروا وادعوا لأمواتكم بالرحمة والمغفرة.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.