رسالة إلى السيّد الرئيس.. تحية تليق بمقامكم عندنا…
الخال عمار جماعي
سيّدي، يا رئيس البلاد الذي سوف يذهب
لم اتمنّ لك الموت يوما -فليطل الله عمرك بما شاء !- وخفت عليك في وعكتك أن يفوتني هجاؤك… فالموت يذهب بالخصومات جميعا وكنت لا شكّ سأترحّم عليك وأترك للتاريخ كلمته فيك ! أمّا الآن يا سيّدي فلا عذر لك حتى اغصّ بكلماتي فلا أقول فيك قولا دنيويا قبل أن اقف أمامك خصيما عند الله… !
جيء بك حين كان صوت الشعب هادرا وقيامة النّاس قائمة والاعتصامات تضيّق الخناق على ما بقي من عصابة السّابع وقيل لنا -احتراما للدستور- : “لا بدّ للدولة أن تستمرّ !”… رغم أنّ الحناجر تتموسق بـ”يسقط حزب الدستور، يسقط جلاّد الشعب”. فارتخت قبضتنا وقلنا: الخير فيما اختاره الله… وسلّمت السلطة في مشهد فكاهي لم يُضحك الاّ المتربّصين وراء الستار… ضحكة التهكّم تلك لم نفهمها الاّ بعد دخول العصا في مناطقنا بعد سنوات ثلاث!
سيّدي، يا رئيس البلاد الذي سوف يذهب
كنت ثعلبا -لا ننكر عليك هذه الخصلة !- تكمن لتصطاد بغريزة السلطة وشهوتها فجمعت حولك سقط النّاس ممّن لا يخجل كالبغايا من اتيان اي شيء… كان بعضنا يؤسّس جمهورية الناس ويحمل أشواقهم… كان بعضنا يمكّن لنفسه ويتدرّب على السلطة… كان بعضنا يتآمر بالمضادّة الايديولوجية… وكنت -يا سيّدي الرئيس الذي سوف يذهب- تضحك ضحكتك الباردة وتقول لمن حولك: “اتركوهم… سيأتون إليّ !”. وطمع اليسار وخاف اليمين وضاع الوسط… وتشكّل حزب الحيلة حولك وبدأ الرّدح الاعلامي كذئب يغرس نابه ويبقر البطون ويكسر الرموز ويهزأ بالثوار ويأتي بالبائدة والعائدة والعاهرة وبائعة الهوى الوطني… وأنت تتلبّس بصورة الزعيم وتراود عن نفسك !
سيّدي، يا رئيس البلاد الذي سوف يذهب
لقد كنت أكذب من وعد وأنت تتباكى و”تدوّخ” بالحكومات القادمة وتكتسح الانتخابات بجيش من المتسلّقين والطامعين والقوّادين وأصحاب الثارات القديمة وقطّاع الطرق الميامين… كنّا ساعتها نصيح في النّاس: “هذا حمل كاذب… هذا تحيّل صريح” كانوا يغيظوننا: “بجبوج يا معذّبهم”!… وانكسر المسار ودخل تحت جبّتك اليسار المنتقم واليمين المحتشم. وجي بالعصا فأوسعنا لها… لتكون بعدها السنين العجاف كما أقرّ عرّابوك ومن انفضّ من حولك ! سعيت فيها جهدك لأمرين سخيفين: مصالحة مع اللصوص والمساواة الخادعة كأنّما جيء بك لهذا فقط يا ضبعا يتثعلب !
سيّدي، يا رئيس البلاد الذي سوف يذهب
الآن، يا سيدي، في آخر عمرك وأنت تذوق مرارة الكأس التي سقيت منها زعيمك مرتهنا بين يدي حاشية السوء، تصرّ على أن تخرج من أضيق الأبواب وتناور بما تبقى فيك من نفس لتفسد الحياة السياسية وتلعب في الانتخاب وتبول على دستور البلاد كأنّه ما مات من أجله شهيد… لن تكون غدا -في كتاب التاريخ الوطني- الاّ ردّة ومسمار مصدّي وبورقيبي بائس !
أطال الله في عمرك لترى ما سوف يُفعل بك ويقال عنك بعد انتهاء العهدة الرئاسية… أمّا أنا “الخال” فسأذهب أنا و”مايا القصوري: إلى أوّل حفل لـ”كافون” الذي غنى في حملتك الانتخابية… لتشلفطني الحداثة السبسيّة !
سلام… يا ريّس