قلت له: أيّها الملك..
صالح التيزاوي
يجب أن تدفع نظير حمايتنا لك، فأنت تملك أموالا كثيرة.. وأنت لا تستطيع البقاء على كرسيّ الحكم أكثر من أسبوع دون حمايتنا التي تكلّفنا الكثير، ولا تستطيع الإحتفاظ بطائرتك الخاصّة، فيجب أن تدفع نظير حمايتنا لك… بهذا الكلام المهين يخاطب “ترامب” أمام حشود من أنصاره وأمام العالم كلّه سلمان السّعوديّة الذي لا يجد حيلة لدفع الإهانة غير تعليق باهت على مكالمة ترامب: “لا أحد قبلك خاطبني بمثل لهجتك”. يأتيه ردّ المتغطرس سريعا: “لأنّهم أغبياء”.. إهانة ومهانة احترق لهما قلب حسن نصر اللّه المفعم جدّا بالمشاعر الإنسانيّة، يشهد له بها ضحاياه في سوريا…
لماذا يبالغ في إهانتهم؟
لم يسبق أن تعامل رؤساء الولايات المتّحدة الأمريكيّة مع أيّ من حكّام السّعوديّة بمثل قسوة “ترامب” مع الملك سلمان. لا شكّ أنّهم كانوا يقرّعونهم في السّرّ ويشترطون عليهم (كما يفعلون مع كلّ عملائهم) ولكنّهم يحافظون على الحدّ الأدنى من اللّياقة والأعراف الدّبلوماسيّة في العلن.
بعد أن تورّطت السّعوديّة (أو ورّطوها) في حرب اليمن وفي عداء لا ينفكّ يتعمّق مع إيران، وبعد انخراطها في دعم الثّورات المضادّة في العالم العربي بما أفقدها عمقها السّنّي في العالمين العربي والإسلامي، وبعد أن بلغ الإستبداد في الدّاخل السعودي حدّا غير مسبوق، يدرك ترامب أن ظهر السّعوديّة أصبح إلى الحائط، ومن أمامها شعب قرّر مغادرة الصّمت على تعذيب النّساء في السّجون والتّحرّش بهنّ، ومن حولها محيط إقليمي مكتظّ بالعداوات وعلى أبوابها موجات ثوريّة تطرق أبواب مملكة الخوف الموصدة في وجه الإصلاح، تغري الشّعب السّعودي بالحراك ومن تحت العرش ثروات نفطيّة هائلة، تغري ترامب كما أغرت سابقيه بنهبها. ولئن كان السّابقون ينهبونها بطريقة ناعمة فقد اختار ترامب طريقة فجّة تعبّر عن يمينيّته وعنصريّته.
ولماذا يقبلون الإهانة والمهانة؟
بعد أن خرّب نظام آل سعود علاقته بشعبه وخرّب علاقته بمحيطه السّنّي خدمة لأجندات أجنبيّة، وأغرق العالم العربي والإسلامي في فيض من الفكر الوهّابي المتطرّف ثمّ أعقب ذلك بما هو ألعن: فكري سلفي “الجاميّة والمداخلة” أكثر تطرّفا، وعوض أن يبادر إلى ترميم علاقته بشعبه وبمحيطه العربي الإسلامي، فإنّه سلك مسلكا صعبا، لا أمل في العودة منه بعد أن أحرق كلّ قوارب النّجاة ولم يبق أمامه غير الكفيل الأمريكي الذي لا يرحم.. المال مقابل الحماية… ولن يتوقّف عن الإبتزاز… وبدل أن يستخدم النّفط لمقاومة الهيمنة الإمبرياليّة على العرب والمسلمين، أضحى تحت حكم “المنشار” سلاحا لتقتيل المسلمين في اليمن وفي ليبيا وفي مصر وفي سوريا وسلاحا لتدبير الإنقلابات والتّآمر على ثورات الشّعوب والتّرويج لصفقة القرن!! فهل هي لعنة النّفط؟ أم لعنة الإستبداد؟