الرئيس محمّد مرسي فرشوا له السجّاد الأحمر..
عبد اللّطيف درباله
توفيّ الإثنين 17 جوان 2019.. الرئيس المصريّ الأسبق محمّد مرسي.. أوّل رئيس منتخب بطريقة ديمقراطيّة شعبيّة مباشرة في تاريخ مصر..
توفيّ مرسي أثناء جلسة محاكمته..
في واحدة من عشرات جلسات محاكمته الجائرة..
بواحدة من عشرات التهم المفتعلة والمفبركة التي وجّهها له النظام العسكري لضمان بقائه بالسجن مدى الحياة.. بعد إنقلاب وزير دفاعه الجنرال عبد الفتّاح السيسي عليه صيف 2013..
الرئيس المصري الأسبق مرسي كان يتعرّض في الواقع لعمليّة قتل ممنهجة ومنظّمة.. بتعمّد إعتقاله بسجن إنفراديّ طوال سنوات.. في ظروف قاسية وسيّئة جدّا.. وحرمانه من العناية الصحيّة والعلاج والدواء. . رغم إصابته بأمراض متعدّدة ومختلفة وخطيرة.. ورغم أنّه نبّه المحاكم التي مثل أمامها مرارا إلى أنّه يعاني صحيّا نتيجة الإهمال الجسيم..
وكان آخرها تظلّمه أمام القضاة بجلسة محاكمته قبل الأخيرة يوم 7 ماي المنقضي..
لكن إجرام السلطات المصريّة السيسيّة.. لا حدود له.. ولا إنسانيّة به.. ولا حياء فيه..!!!
وفاة محمّد مرسي المعتقل ظلما من النظام العسكري الديكتاتوري المستبدّ.. بعد الإطاحة به بواسطة الدبّابات والرشّاشات من الرئاسة التي وصلها بطريقة ديمقراطيّة.. هو قبل كلّ شيء وصمة عار في جبين الدول الكبرى والمتقدّمة التي تزعم أنّها ديمقراطيّة.. وتوهم شعوب الدّنيا بأنّها راعية الحريّة وحقوق الإنسان في العالم..
لكنّ هذه القوى العظمى.. وما يسمّى عبثا بـ”الديمقراطيّات العريقة”.. هي في الواقع.. لا تحمي إلاّ مصالحها.. ولا ترعى إلاّ الحكّام العملاء الذين يعملون لفائدتها..!!!
الرئيس محمّد مرسي فرشوا له السجّاد الأحمر.. واستقبله أو زراه زعماء العالم.. مثل رؤساء الولايات المتّحدة وفرنسا.. ورؤساء الحكومات الألمانيّة والبريطانيّة.. وأمين عام الأمم المتّحدة والمفوّضة السامية للاتّحاد الأوروبّي.. وغيرهم من قادة دول العالم والمنظّمات الدوليّة..
وأشادوا به كأوّل رئيس لمصر منتخب ديمقراطيّا..
كما أشادوا بالثورة الشعبيّة المصريّة.. وبالحريّة..
وتعهّدوا زورا وبهتانا بحمايتها ودعمها ومساعدتها على الإستمرار والإزدهار..
لكنّهم سرعان ما دعموا سرّا إنقلاب الجيش المصري على الثورة.. وعلى أوّل رئيس منتخب ديمقراطيّا..
ولم يشغلهم دهس دبّابات العسكر لصندوق الإنتخابات.. وللديمقراطيّة.. وللحريّة.. وللثورة التي تغنّوا بها..!!
بمجرد تناقض مصالح الغرب مع ديمقراطيّة مصر.. لعنوا الديمقراطيّة.. وكفروا بالثورة.. وأعطوا الضوء الأخضر للانقلاب على الشرعيّة.. وعلى البرلمان المنتخب.. وعلى الرئيس المنتخب..
بل أنّ نفس هؤلاء الزعماء الغربيّين في الدول “الديمقراطيّة”.. لم يشغلوا بالهم أبدا بالرئيس الذي استقبلهم واستقبلوه كرئيس شرعيّ منتخب ديمقراطيّا..!!
ولم يهمّهم أبدا نقله من مكتب الرئاسة إلى السجن..!!
ولم يدفعهم أيّ ضمير أو بقايا وازع أخلاقيّ إلى أن يقوموا بأيّ مجهود حتّى للإفراج عنه بشروط.. أو تحسين ظروف اعتقاله في السجن.. أو ضمان أدنى حقوق الإنسان له.. وهو الحقّ في العلاج والدواء والمعاملة الإنسانيّة بالسجن..
لقد نبذوه وتجاهلوه وتناسوه تماما..
وتعاملوا بدون عقد أو حياء مع الجنرال الديكتاتور الذي انقلب عليه.. واستقبلوه بالودّ وبالابتسامة طالما كان يحقّق لهم المصالح السياسيّة والماليّة.. ويخضع لسلطانهم وأوامرهم.. ويمضي لفائدتهم الصفقات الإقتصاديّة المربحة..!!
نفس هؤلاء الرؤساء والوزراء والسفراء الغربيّين “الديمقراطيّين”.. يقيمون الدنيا ويقعدونها عند اللّزوم.. ويمارسون أقصى الضغوط والتهديدات.. مثلا لمجرّد إطلاق سراح شاذ جنسيّا قبض عليه متلبّسا علنا في بلد عربيّ.. أو جاسوسا أوقف بالجرم المشهود.. أو فنّانا أو كاتبا استفزّ الناس في عقيدتهم وسبّ دينهم وتديّنهم.. وذلك باسم الحريّة الشخصيّة..
لكنّهم لا يرون الانقلاب وقتل مئات المعتصمين السلميّين وإطلاق الرصاص على المتظاهرين والاعتقال والتعذيب والاخفاء القسري والحرمان من العلاج والدواء وانتهاك حقوق الإنسان وسوء المعاملة بالسجون والمحاكمات غير العادلة ومنع حريّات الرأي والتعبير والإعلام وتدليس الانتخابات.. أمورا تستحقّ أن تقيم الدنيا لأجلها وتضغط على الدول الأخرى لتسويتها. . طالما كانت مصالحهم السياسيّة والماليّة والثقافيّة تتناغم مع كلّ تلك الموبقات..!!!
رحم الله محمّد مرسي..
ولا عزاء للعرب الذين يظنّون أنّ الغرب نصير للديمقراطيّة فعلا في بلدانهم..!!!