هنيئا لفرنسا بسفيرها في تونس.. ولا عزاء للتونسيّين المنكوبين بمسؤوليهم..!!!
عبد اللّطيف درباله
شاهدت سفير فرنسا بتونس في الأسبوع المنقضي وهو يقدّم أثناء ندوة صحفيّة شرحا لوضعيّة الاقتصاد التونسي.. بمناسبة لقاء لطرح برنامج وآفاق المساعدات الاقتصاديّة والماليّة لدولته فرنسا إلى تونس..
طبعا خطاب السفير.. وكأغلب نشاطات وتصريحات السفير الفرنسي “أوليفيي بوفوار دارفور”.. جوبه بحملة انتقادات واسعة ولاذعة من التونسيّين.. متعجّبين من تدخّل سفير دولة أجنبيّة في عرض وتقييم واستشراف الشأن العام الداخلي وكأنّه أحد أعضاء الحكومة.. تماما كما أنّ التونسيّين مستنكرين ظهور السفير الفرنسي “أوليفيي” المكثّف وغير المعتاد للسفراء.. وتداخله في كلّ زمان ومكان بطريقة تظهر حجم تغلغل النفوذ الفرنسي بالدولة.. وهيمنة المستعمر السابق الغالبة في بلادنا..!!!
لكنّ ما يسترعي الانتباه حقّا.. هو أنّ السفير الفرنسي كان ملمّا تماما ليس فقط بالوضع الاقتصادي والمالي في تونس.. وإنّما أيضا بالوضع السياسي والأمني.. وكذلك بالوضع الاجتماعي والشعبي بأدقّ تفاصيله..
لقد قدّم السفير الفرنسي عرضا وافيا ومفصّلا وموجزا بنجاعة للوضع العام في تونس..
وبيّن أوجه الأزمات والخلل والمشاكل الكبرى..
وشرح طرق العمل التي يجب إعتمادها..
وعرض الآفاق والفرص الموجودة..
وأظهر المحاور الكبرى التي يجب الاشتغال عليها لتحقيق النقلة النوعيّة والتطوّر..
(وطبعا تفاخر بما يمكن لدولته فرنسا أن تقدّمه من مساعدات في الخصوص..)
وكم كنّا نتمنّى أن نرى رئيس الحكومة أو الوزراء أو أيّ مسؤول كبير في تونس يقدّم يوما للشعب التونسي عرضا واضحا وشاملا وموجزا وفاعلا لوضع بلادنا.. وذلك بطريقة محترفة وجديّة تليق برجال دولة..!!!
لكنّ الشعب التونسي لا يرى حكّامه إلاّ يتحدّثون في عموميّات وكلام فضفاض.. ومشاكل سياسيّة تافهة ولا قيمة لها.. وصراعات فكريّة وايديوجيّة عقيمة.. وتصفية الحسابات والخلافات الشخصيّة.. ويقدّمون في العموم مجرّد أرقام مشكوكا في صحّتها أصلا.. دون نظرة عميقة أو شاملة أو استشرافيّة تحمل أيّ رؤى أو برامج قويّة..
من حقّ المواطنين التونسيّين أن يغتاظوا من تواجد السفير الفرنسي دونا عن سفراء بقيّة بلدان العالم في بلادنا.. في كلّ حدث وزاوية وتظاهرة بتونس..
وأن يقلقوا من تأثير تحرّكات السفير غير العاديّة على مصالح بلادنا..
وأن يتحسّبوا للنفوذ الفرنسي البالغ بوطنهم..
لكن من حقّ مواطنوا فرنسا أن يفخروا في المقابل بسفير بلادهم بتونس.. وأن يحترموا فيه نشاطه البالغ وعمله الدؤوب للدفاع عن مصالح دولتهم بتونس..!!!
لو كان لدينا خمسون مسؤولا وطنيّا يعملون داخل وخارج تونس بحرفيّة واجتهاد وديناميكيّة وضمير.. وبحرص على خدمة وحماية وإعلاء مصالح بلادنا.. كما يفعل السفير الفرنسي لمصالح بلاده.. لكانت تونس بخير وفي وضعيّة أفضل بمائة مرّة..!!!
فهنيئا لفرنسا بسفيرها في تونس.. ولا عزاء للتونسيّين المنكوبين بمسؤوليهم..!!!