فتحي الشوك
يستنكر البعض القصف الكثيف الّتي تنتهجه وسائل الإعلام الخاصّة والعامّة المستهدف لما بقي من بعض قيم المجتمع المتداعية والمنهارة وكأنّ الأمر جديد أو مستحدث !
لست ملمّا بتفاصيل القصف وبنوع القنابل المستعملة نتيجة قراري المبدئي بمقاطعتها لأجل أن أحمي نفسي من هجماتها الجرثومية، وأقيها عفنها وأجنّب أنفي روائحها الكريهة، وبرغم كلّ إحتياطاتي فإن بعض الشّظايا تصلني من حيث لا أدري، من خلال صفحات التّواصل الاجتماعي، الّتي تستنكر الوباء وفي نفس الوقت تساهم في نشره، ومن بعض أفراد عائلتي الّذين لا أملك عليهم سلطة تجعلني أمنعهم ولم أقدر إلى حدّ اللّحظة أن أقنعهم أو أن أمرّر إليهم وعي المقاطعة.
كما أستطيع أن أستشعر وقع وأثر فعل مختبراتهم في واقع يزداد سوء يوما بعد يوم ويشهد تطبيقات مباشرة لتنظيرهم وإسقاطات فعلية لسقوطهم وثمرات مسمومة لشجرة إفسادهم.
ملايين الدّينارات صرفت من قنوات الصّرف الصحّي لأجل الإلهاء وإفساد الذّوق العام وتحطيم ما بقي من بعض القيم، يقول بعضهم أنّها كانت لأجل وصف واقع موجود وكان بالإمكان توجيهها لتغيير ذاك الواقع وإصلاحه.
والغريب أنّ البعض مستاء لما يحصل ليطلق لسانه في اللعن والسبّ دوما بعدما يكمل مشاهدته لما يعدّونه له وكأنّه في حصّة عذاب سادية تماما كموقفه من غلاء الأسعار حين تراه يزبد ويرعد وهو في طابور يتزاحم حول سلعة تضاعف سعرها.
والملاحظ أنّ طفرة إنتاج مختبراتهم تبلغ ذروتها دوما في شهر رمضان الّذي أفقدوه وظيفته وحوّلوه إلى شهر استهلاك بامتياز وشهر إهلاك وإفساد، وهو توجّه ليس بالجديد منذ وسيلة الإعلام الواحدة والصّوت الواحد والفرق الوحيد أنّ سمومهم كانت تمرّر بالأبيض والأسود وباسم شيطان واحد لتتكاثر وتصبح سموما بألوان زاهية أكثر إثارة وجلبا لضحاياها.
ما تفعله أعمالهم الحاليّة هو استمرار لإجرام مبرمج وإفساد ممنهج للمجتمع وضرب لنواتاته الثّقافية في عمليّة تغيير قسري لنمط موجود متأصّل يرونه متخلّفا ويرمونه بسهامهم لإحداث طفرتهم الجينيّة وإسقاط نمطهم المستحدث.
منذ ستّينات القرن الماضي منذ البثّ المرئي وقبله بسنوات بواسطة السّمعي كانت تلك مهمّتهم، اتّخذت في السّابق بعض اللّيونة مراعاة لمعطيات الواقع، فكانت الجرعات حلوة المذاق نسبيا ومستساغة مع أنّ فعلها كان بأثر السمّ الزّعاف لتصيب نواة الخلية، كانت امّي تراكي ناس ملاح والحاج كلوف ومحلّات الشّاهد وتوجيهات الرّئيس وسيدي علي الرّياحي وعليّة لتصبح اليوم أولاد مفيدة وشورّب وغيرها، نفس الوظيفة التّدميرية ونفس النّهج ونفس المدرسة ونفس التّدمير الّذي صار يتمّ بأكثر فجاجة و بالسّرعة القصوى مع استغلال للثكنولوجيات الحديثة وصدمة الصّورة.
يبدو أنّ القائمين على هذه الاستراتيجيات مطّلعون جدّا على الأحاديث النّبويّة ويهتمّون بالغيبيات الّتي ينكرونها وهم من تطوّعوا لتعويض الشّياطين الّذين يصفّدون في هذا الشّهر ليقوموا بالمهمّة على أحسن وجه بل وأفضل.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.