بدعمها لحفتر والسلفية، فرنسا تهدد أمن تونس
رشدي بوعزيز
كيف لفرنسا، بلد الحقوق الأساسية والمبادئ الكونية أن تدعم العسكري المتقاعد حفتر ضد حكومة معترف بها دوليا ؟؟
لماذا كل هذا الدعم الفرنسي التاريخي والاستراتيجي للحكّام الأقوياء والمستبدين في المنطقة العربية وإفريقيا ؟؟ كلنا مازال يتذكر موقف فرنسا إبان الثورة لما وعدت وزيرة الدفاع الفرنسية، ميشال آليو ماري، بن علي علنا بالوقوف ضد المظاهرات. وتأكد هذا التوجه مرة أخرى بتشبّث السلطات الفرنسية، حتى آخر لحظة، ببقاء بوتفليقة في السلطة رغم ضغط الشارع.
واضح جدا عدم ارتياح فرنسا عموما لأيّة تحولات ديمقراطية في المنطقة، وهو شعور يتقاطع، و”يا محاسن الصدف”، مع المواقف الإماراتية-السعودية-المصرية، بما يجعلنا لا نرتاح لحقيقة موقفها من الإنتقال الديمقراطي في تونس، وننظر بريبة لجديتها في دعم استقرارها وتجنيبها الاضطرابات.
ثم إن دعم فرنسا لحفتر هو تهديد ليس للاستقرار في ليبيا فقط، ولكن للأمن التونسي أيضا، وذلك من خلال تقويض السلم المدني بها، ودعم التيار السلفي المدخلي المتحالف مع جيش حفتر، وتوفير فرصة لا تعاد للدواعش للعودة إلى الساحة، وهم الذين طردتهم القوات التابعة لحكومة طرابلس من سرت وصبراتة القريبة من الحدود التونسية. علما وأن داعش قامت مؤخرا بهجوم على منطقة الكفرة بينما الجميع منشغل بما يحدث في المنطقة الغربية.
هذه السياسة الفرنسية تؤكد مرة أخرى، وللأسف الشديد، زيف شعارات فرنسا الرسمية حول دعم “الحداثة” و”القيم الجمهورية”، وهو ما يتطلب فضحا وتنديدا صارمين من كل تونسي، من أجل الدفاع على المصالح التونسية العليا، بمعزل عن أي اصطفافات إقليمية أو إيديولوجية في الملف الليبي.
ختاما، إن سياسة فرنسا مع مستعمراتها القديمة، تلخصها قولة الرئيس جاك شيراك في زيارته لنا زمن بن علي عندما صرّح بأن “حق الأكل” هو أهم من باقي “حقوق الإنسان”.