تدوينات تونسية

خمسة وسادسهم عمر البشير…

صالح التيزاوي
يروّج أعداء العرب عن العرب أنّهم أمّة لا تقرأ، وإذا قرأت فإنّها لاتستفيد، مع أنّنا أمّة كتاب، أوّل مانزل منه آيات بيّنات تأمر بالقراءة والكتابة.. أعتقد أنّ هذا التّوصيف ينطبق تماما على حكّام العرب، ومع ذلك فقد حكمونا لفترات طويلة قد لاتجد لها مثيلا في العالم. عندهم شهوة للحكم وشغف بالإستبداد لايقارنان، رغم فشلهم الذّريع في التّنمية وفي التّحديث…
وهم لا يقرؤون ولا يتّعظون بتجارب التّاريخ، لا البعيد منها ولا القريب… كلّ واحد منهم يظنّ نفسه استثناء في تاريخ الإستبداد، وأنّه يملك من المكر والحيلة ما يخدع به شعبه ويستمرّ في الحكم حتّى الموت. سقط “بن علي” بعد ربع قرن من الفساد والإستبداد، فقال “حسني مبارك” بأنّه مختلف عن بن علي، وأنّ مصر ليست تونس، ثمّ سقط.
انتقلت الثّورة بسرعة إلى ليبيا فقال “مخرّبها” بأنّه ليس بن علي ولا حسني مبارك وأنّ ليبيا ليست تونس ولا مصر، وظنّ نفسه ناج على خلافهما.. ثمّ سقط سقطة تليق به.
وعلى أرض اليمن ناور االمحروق على عبد اللّه صالح وراقص كلّ الأفاعي وكلّ الثّعابين في سبيل البقاء في الحكم. ولمّا ضاق عليه اليمن بما رحب، سلّم المال والسّلاح والمدن وأسرار الدّولة لأعداء الأمس (المليشيات الحوثيّة) وظنّ ذلك ينجيه من مصائر سابقيه.. ثمّ كانت نهايته على أيديهم.
عادت الحياة إلى الرّبيع العربي ليستأنف مدّه من أرض المليون شهيد رغم موجات الثّورة المضادة المدعومة من محور الشّرّ العربي.. تنحّى “بوتفليقة” سريعا ليخرج من الباب الكبير، وهو في كلّ الأحوال لم يكن دكتاتورا مثل سابقيه، فما يحسب للرّجل أنّه خرج ببلاده من عشريّة الدّم، ولم يتورّط في قمع الإحتجاجات السّلميّة لشعبه المطالبة بالتّغيير.. بل اعتذر اعتذار الشّرفاء.
لقد كان في تجارب السّابقين ما يغني عمر البشير عن المكابرة والتّذاكي على شعبه قبل أن تقع فأس العسكر والشّعب على رأسه!! ولكنّه لم يكن يسمع ولا يبصر غير شهوة الحكم فأصبح من السّاقطين والمخلوعين.. وتلك عاقبة كلّ مستبدّ… والعاقبة لمن ينتظر ويرفض الإصلاح…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock