صالح التيزاوي
كتاب للنّائب والطّبيب والشّاعر الفرنسي “بول فينياي دوكتون”. يحمل الكتاب عنوانا فرعيّا “عرق البرنوس” لما للبرنوس من دلالات في المجتمع التّونسي. وهو عبارة عن تقرير عام يستند إلى وثائق إداريّة تؤرّخ لجرائم الإحتلال الفرنسي إلى حدود سنة 1909. قام بتعريبه الأستاذ الأزهر الماجري، الأستاذ بكلّيٰة الآداب بمنّوبة.
الكتاب كان خلاصة زيارة ميدانيّة قام بها المؤلّف للجنوب التّونسي، دامت قرابة العام ونصف العام. لم يتردّد الكاتب وهو يسجّل ملاحظاته في الإنحياز لضميره كشاعر وكطبيب وكإنسان على حساب مصالح الإحتلال ودوائر المال. فجاء الكتاب مليئا بالشّواهد على جرائم الإحتلال وكتب بروح متمرّدة على سلطة الإحتلال. وممّا جاء فيه قول الكاتب مخاطبا السّاسة في مجتمعه الفرنسي: “كلّكم مجرمون وما يقع في تونس عار على جبين الحكومة الثّالثة”.
يحمل الكتاب عنوان فرعيّا “عرق البرنوس”، و”البرنوس” كما لا يخفى على أحد فهو لباس تقليدي تونسي في ذلك الوقت، يرتديه التّونسيّون وهو لا يكاد يفارقهم في حرّ الصّيف كما في برد الشّتاء، ولا يكاد يجفّ من عرقهم في العمل الفلاحي أو في دواميس الحوض المنجمي شديدة العمق كثيرة المخاطر، حيث تنعدم مقوّمات السّلامة المهنيّة، وكثيرا ما كانت دواميس الموت تأخذ أرواحهم كما يأخد الإحتلال عرق العمّال التّونسيين ويمتصّ دماءهم مقابل ملاليم لا تدفع عنهم فقرا ولا جوعا ولا مرضا. كلّ ذلك والإستعمار لا يشبع ولا يملّ من عصرهم “فالبرنوس” ما وجد إلّا ليعصر…
انتصر الكاتب الفرنسي في كتابه لإنسانيّته في وجه التّوحّش الإستعماري وللعدل في وجه ظلم رأس المال والإقطاع وللكرامة في وجه إذلال الإحتلال للتّونسيين. واعتبر ما حصل في تونس وصمة عار في جبين الإحتلال. وهو وصمة عار أيضا على جبين أذيالها وكلابها الذين يصرّون على اعتبار الإحتلال “حماية”َ وأنْه جاء لـ”تمدين وتحديث” المجتمعات المتخلّفة!!!
صحيح أنّ الإحتلال خرج بآلياته العسكريّة ولكنّه ترك وراءه كتائب من المرتزقة والعملاء، هم أكثر ضراوة على المجتمع…
Paul Vigné d’Octon
Homme politique
né le 7 septembre 1859 à Montpellier, mort le 20 novembre 1943 à Octon, est un homme politique et écrivain français