جلّول.. الغول..
صالح التيزاوي
جلّول طلع غول متاع تاريخ.. الحاصيلو ما كيفو حد…
دخل كهوف التّاريخ ودهاليزه وقام بحفرياته على طريقة المستشرقين الحاقدين على تاريخ الأمّة، وخرج بشهادة مخجلة تبرّئ فرنسا من جريمة احتلالها لبلادنا وتعفيها من كلّ التّبعات. فهي حسب رأيه كانت “سلطة حماية” فقط!!!
شهادة لم تكن تحلم بها فرنسا لأنّها هي ذاتها لا تستطيع إنكار حقائق التّاريخ الموثّقة ولم تنكر أنّها كانت قوّة احتلال في تونس كما في غيرها. ولو قدّر لها أن تنتدب الشيطان ليدافع عنها أمام محاكم جرائم الإحتلال ما كان في مقدوره تبرئتها من جرائمها. فكلّ الشّواهد تدلّ على أنّها كانت قوّة احتلال غاشم: ثروات منهوبة طوال فترة الإحتلال وتواصل النّهب بعد الإحتلال المباشر، وحتّى الجارة الإيطاليّة لفرنسا اتّهمتها صراحة أنْها نهبت ومازالت تنهب أكثر من 80٪من ثروات القارّة الإفريقيّة وتونس من بين الدّول المنهوبة.
وحده “باحث الآثار الإسلاميّة” و”خرّيج السربون” نصّب نفسه محاميا لتبرئه فرنسا الكلونياليّة، وهي عنده دخلت تونس بعساكرها لحماية الشّعب التّونسي التي لا تربطها به أيّ وشيجة من وشائج التّاريخ والجغرافيا والثقافة. ربّما ادّعى هو وأمثاله أنْها جاءت لحماية التوانسة من غطرسة الأتراك وظلم البايات. ولكن هل يستطيع مؤرّخ السّربون إقناعنا أنّ مذابح الإحتلال ومجازره كانت لحماية الشّعب التّونسي؟ وهل يدخل ضمن تلك الحماية إعدام الثّوّار الذين رأوا في فرنسا قوّة احتلال فنهضوا لمقاومتها من أمثال مصباح الجربوع والدّغباشي؟ وهل من مقتضيات تلك الحماية اغتيال رموز الكفاح الوطني: الهادي شاكر وفرحات حشّاد؟
يروى عن الدّغباشي “شيخ الفلّاقة” الذي أعدمته فرنسا عام 1924 أنّه قال: “أنا أحارب فرنسا وكلّي إيمان بأنّه سيأتي اليوم الذي ستغرب فيه عن أرضنا ولكنّني أريد أن أعيش لأقاتل كلابها الذين سيصمّون آذاننا بنباحهم”.