الثلاثاء 14 أكتوبر 2025
فتحي الشوك
فتحي الشوك

دليلي احتار !

فتحي الشوك
ابنتي البكر الجامعية ذات الواحد والعشرين ربيعا فاجأتني بحرصها على عدم التفويت في ممارسة حقها الانتخابي، وهو ما عبرت عنه لأمها صبيحة الأمس، تغيير محمود مرده وجود من يستحق أن تمنحه صوتها وترى فيها بارقة أمل لإمكانية زحزحة لوضع متأزم، غالبا ما كنت أخوض نقاشات مع بناتي وزوجتي ودوما ما كانت بعض الإختلافات في وجهات النظر تجعلني أفقد أعصابي ليرتفع صوتي ويتجلى الدكتاتور الكامن في وهو أمر أعتبره طبيعي نتيجة لنشأته معي وفي منذ ولادتي في جو الكبت وانعدام الحرية وثقافة الحوار الذي شبنا عليه، غير أني ومنذ مدة ليست بالقصيرة صرت أدرب نفسي على قبول الإختلاف والرأي الآخر في محاولة لإعادة تدرب سلوكي في شبه مران على “ديمقراطية” وافدة ومستحدثة أبعد ما تكون عن تقاليدنا السلطوية. ولا أظن نفسي وحيدا في “اضطرابي” السلوكي إن صح تصنيفه كذلك فماكينة الإستبداد السلطوية لم تنتج في الغالب سوى أنماطا مشابهة خاضعة لسيطرة فوقية لتمارسها على من دونها في جميع مجالات الحياة.
قد تتساءلون ما الذي جعل إبنتي تغير رأيها وهي حسبما يبدو ليست الوحيدة، بل ولمصادفة الأقدار أن عبرتا عن نفس الرأي فتاتان جامعيتان عشرينيتان قابلتهما اليوم في عيادتي خلال عملي، وكان نفس الشخص هو من شجعهما على عدم التفريط في حق ضمنه لهما الدستور منذ ثورة 17 ديسمبر المجيدة.
نفس الشخص جذب العديد من الشباب واستثار فيهم حماسة بهتت وكادت تغيب، واهتماما بالشأن العام بعد شبه استقالة تامة، إستقالة سعى إليها البعض ليخلو لهم المجال كالعادة لاحتكاره وجعله ناديا خاصا لمن يمتلكون جينات الحكم والتحكم بالوراثة أو بالوكالة وليمارسوا كل صنوف الشعوذة والدجل ومراكمة الفشل.
هو الاستاذ قيس سعيد الذي استطاع أن يجلب إليه الأضواء لصدقه وثباته ومبدئيته التي جعلت الخصم يحترمه قبل الصديق.
ولا شك أن تلك الخصال ما جعلت سهام أعداء الحرية والحياة الكريمة وعبيد الإستبداد ومنتوج ماكينة الفساد والإفساد توجه نحوه، هو ظاهرة صوتية، ولا يقدر أن يتكلم بالعامية، وأبعد عن أن يكون تونسيا، والأعظم أنه يستشهد بآيات من القرآن الكريم، هذا ما تردده أبواقهم في منابر الإلهاء الإعلامية المجرمة. بينما يشكك البعض الآخر في قدرته على إحداث تغيير حقيقي بخلفيته القانونية الخالصة دون سند سياسي ويستحضرون مثال الدكتور المرزوقي الحقوقي الذي إشتغل في بيئة معادية انتهت بلفظه، وأخيرا وليس آخرا يذهب بعضهم من إحباء نظرية المؤامرة إلى اعتبار “تسويق” قيس سعيد هو لتشتيث الأصوات لصالح أعداء الثورة.
لا شك أن الأستاذ قيس سعيد يعتبر ظاهرة وهي تذكرني بتلك التي عشناها خلال الحملة الإنتخابية للدكتور المرزوقي، وهو ظاهرة واقعية وحقيقية ولها حظوظها في أن تنجح وتتحقق.
دوما ما كنت إذا ما احترت في اختيار ما فإني أستفت قلبي وأنظر إلى إتجاه سهامهم لأتجه عكسها، والمشكلة في حالتي الراهنة أن رميهم بستهدف الشخصين تزامنا أو تواترا، لأترك لقلبي أن يفتيني فوجدته محتارا فيمن يختار وكلاهما لهما من المعزة والإحترام بنفس المقدار.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

فتحي الشوك

“عبرنا مثل خيط الشّمس”

فتحي الشوك للأمانة لا بدّ من الإشارة الى أنّ الرئيس المصري المخلوع الرّاحل حسني مبارك …

فتحي الشوك

لا يواجه هذا “الجنون” إلّا بقدر من التحدّي المجنون

فتحي الشوك بعضهم لم تستفزّهم تصريحات ترامب الوقحة والفجّة بقدر ما أثارتهم كلمات أحمد داوود …

اترك تعليق