على عَجَلْ
حميدة بالسعد (وفاء مطر)
خُلق الإنسان هلوعا.. جزوعا.. على عجلْ
وكنتُ الأعجل في قومي
أُسرعُ أُصارعُ عقارب الزمن كأني في سباق لمسافات طويلة.. ليس لها نقطة وصول..
النسق سريع في نومي كما في صحوي
تصطفّ الأحلام.. كل حلم يصادر نهاية الحلم الآخر ليحلّ محلّه.. سريعا… حتى لا يبقى منه ذكرٌ وذكرى مع انبلاج النور..
أستيقظ على عجلْ.. ألبس ما أجده أمامي من ثياب.. مذ قيل لي “حتى كي تلبس شكارة تواتيك” استأنست للقول لأنه يوفّر لي زمنا قد أصرّفه في شأن آخر..
أشرب قهوة الصباح على عجل.. أنظر إلى المرآة على أمل.. أن أجد الوقت لأنظر إلى نفسي مرّة أخرى
حين أهم بالخروج من بيتي، أتفقّد نفسي قد أكون نسيت شيئا منّي في الداخل ..
أقود السيارة بسرعة.. ولست من الحريصين على الوصول إلى مقر العمل في الوقت المحدد.. السّرعة هي ما يشغلني..
أمضغ اللقمة بسرعة… لا وقت لديّ للشبع.. يثقلني عن الحركة والجري
أحب بسرعة.. أكره بسرعة.. أسعد بسرعة.. أحزن بسرعة
أقرأ الكتاب بسرعة… اقفز بين صفحاته أتلهّف لخاتمته وآفاقه..
أسمع الموسيقى بسرعة.. عادة ما أكتفي بالمقدمة الموسيقية لكل أغنية وأمر الى التي تليها…
أعيش التناقض والإنسجام في حيّز زمني قد لا يتسع لهما معا..
لم يبق من العمر ما يسمح بالوقوف والتوقّف..
تقول حكمة ما “من يبغ السفر بسرعة عليه اجتياز الدروب القديمة”.. قد أكون مسكونة بمغادرة الأمكنة والأزمنة القديمة.. أجري وأجري لمغادرتها.. ولا أمكنة أو أزمنة تطلّ من الأفق !!!
الرابعة فجرا