فرنسا وثورة الحرية في الجزائر
عمر الرواني
رفض الرئيس الفرنسي ماكرون اصدار اي موقف حول الوضع في الجزائر مصرحا ان “مجرد التعليق عن الاحداث هناك قد يفهم تدخلا في الشؤون الداخلية للجزائريين” وقال وزير الخارجية ان فرنسا “لن تحشر انفها فيما يحدث في الجزائر” وان اي موقف مخالف يعتبر خطأ جسيما، كل ذلك والجزائريون يهتفون في الشوارع بسقوط فرنسا وعملائها الحاكمون في الجزائر.
لا شك أن هذا الموقف يخفي حقيقة موقف فرنسا وسياستها العامة تجاه مستعمراتها اذ يجب استحضار موقفها من الثورة التونسية سواء في دعهما للاستبداد الى آخر لحظة من عمره لما صرحت وزيرة خارجيتها “اليو ماري” (قبيل هروب بن على) باستعداد فرنسا لمده بكل الوسائل والمعدات العسكرية لقمع المتظاهرين، او حتى بعد الثورة في دعمها المباشر لاذنابها بكل الوسائل بداية من حضور رموزها في الاعتصامات وصولا للاغتيالات وذلك بهدف اسقاط حكومة الثورة واعادة ترميم وتركيز منظومة العمالة.
الموقف الفرنسي لم يتغير على الاطلاق في نظرتها الدونية لمستعمراتها اذ تعتبر شعوبها مجرد قطعان لا يستحقون حياة حرة كريمة وتعمل ما في وسعها على ان تحكم بالحديد والنار وباحذية من العملاء والوكلاء والاذناب حتى تحافظ على مصالحها الحيوية،
ولكنها فضلت هاته المرة الصمت المريب، بل الآقرب الى صمت الشريك المذنب فيما حصل للجزائريين منذ استقلال بلدهم، وهو موقف شبيه ومتناغم مع موقف قادة الجيش الجزائري من الحراك الشعبي،
كل ذلك تفاديا لموقف متصادم مع الجماهير الهادرة في الشوارع والتى تستهدف فرنسا بصفة مباشرة وتعتبرها المساند الرسمي للطغمة الحاكمة في الجزائر، انه انحناء للعاصفة حتى مرورها،
الحقية ان فرنسا منزعجة جدا مما يحدث في الجزائر اكثر بكثير من انزعاجها لما حدث في تونس وهي الآن تبحث حثيثا في الخفاء عن كل السبل لمساعدة وكلائها في الجزائر على الالتفاف على مطالب المتظاهرين واعداد بدائل وحلول سريعة للوضع هناك لضمان استمرارية مصالحها في الجزائر.
وستشهد الجزائر اليوم الجمعة خروجا جديدا للمتظاهرين، وسيقابل برسائل جديدة للاشباح الذين يحكمون الجزائرمن وراء ستار، سيراهنون على الوقت لامتصاص غضب الجماهير الثائرة، ولكن نحن التونسيون متأكدون بحسب ما لدينا من تجربة وبحسب ما نعرفه ايضا عن تاريخ الشعب الجزائري أن الشعب اذا ثار فلن يعود ابدا وان المظاهرات ستستمرّ حتى تحقيق المطالب، فارادة الشعوب واصرارها وصبرها اطول واكبر بكثير من رهانات جلاديها.