هل أصدق مهاتير محمد أم معز بن غربية ؟

إسماعيل بوسروال
1. رؤية معز بن غربية
شاهدت بالصدفة مساء الخميس 14 مارس 2019 إعادة لبرنامج سياسي على قناة (قرطاج +) وفيه ذلك “العم” الشهم وكأنه الناطق باسم العائلات التي فقدت أطفالها الرضع في مستشفى الرابطة… بعدما فسح له المجال ليسب كل من هب ودب في تونس من شخصيات وأحزاب و… و… بمنطق عشوائي لا يستقيم… حاول معز بن غربية إقناع الحاضرين (بفشل أهل السياسة في تسيير شؤون البلاد التونسية) لأنهم يعتمدون المحاصصة الحزبية وفي المقابل دعا إلى تسليم الحكم إلى تكنوقراط.
خطاب لا يستند إلى أي مستندات علمية أو تجارب مقارنة بل هو مجرد صراخ عبثي لا طائل منه سوى تنفير الناس من الإقبال على الإنتخابات لاختيار من يحكم بتفويض شعبي لا من تنصبه لوبيات ومافيات تحت لافتة
“تكنوقراط”.
2. تحربة مهاتير محمد
ذكر الزعيم الماليزي (مهاتير محمد) في مذكراته التي تتضمن 900 صفحة ما يكذب معز بن غربية.
في أوائل التسعينات قدم صندوق النقد الدولي شروطا لدعم الإقتصاد الماليزي واقترح برنامج إصلاحات هيكلية (كما يحدث عندنا) وفي إجتماع مجلس الوزراء بعد مناقشة الموضوع وإبداء عديد المسؤولين الماليزيين تفهمهم للوصفة أبدى مهاتير محمد بوصفه رئيسا للوزراء معارضته لما نسميها اليوم (إملاءات صندوق النقد الدولي)… وأمام الذهول قرر مهاتير محمد أن تبقى جلسة مجلس الوزراء مفتوحة ليومين إضافيين ويتم استكمالها عندما تنضج القرارات.
وفي الأثناء وصلته إستقالة كل من وزير المالية ومحافظ البنك المركزي.
يؤكد مهاتير محمد أنه قدم في نهاية إجتماع مجلس الوزراء حول وصفات صندوق النقد الدولي خطة تنمية الإقتصاد الماليزي القائمة على رفض مقترحات صندوق النقد الدولي واعتماد البدائل المستمدة من إمكانيات الشعب الماليزي… وقال في هذا الصدد أن الإصلاحات الكبرى والقرارات الجريئة لا يتخذها التكنوقراط (الذين هربوا من ميدان المعركة) بل يتصدى السياسيون الذين لهم رؤى وأفكار وبإمكانهم تطبيقها على الأرض وإنجاحها.
وبعد عشر سنوات فقط (هكذا قال مهاتير محمد) تجاوزت ماليزيا الصعوبات الإقتصادية والإجتماعية وتحولت إلى أقوى الإقتصاديات في العالم.
ينجح السياسي ويفشل التكنوقراط، كذب معز بن غربية وصدق مهاتير محمد.