هل قنوات مياه "الصوناد" أكثر تعقيدا من الدورة الدمويّة..؟؟!!
عبد اللّطيف درباله
لإجراء عمليّة جراحيّة.. سواء لزراعة قلب.. أو تعويضه بآلة صناعيّة.. أو لتركيب لوالب بالشريان التاجي.. أو غيرها.. يقوم الأطبّاء بتحويل الدورة الدمويّة بطريقة اصطناعيّة عبر وسائط خارج جسم الإنسان لضمان استمرار تدفّق الدم في جسد المريض بلا انقطاع.. ثمّ وبعد القيام بالعلاج اللاّزم.. يعاودون إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.. مع بقاء المريض حيّا.. رغم تعقّد وحساسيّة ذلك التدخّل.. لأنّ توقف سريان الدم لوقت قصير كفيل بإنهاء حياة المريض فورا..!!!
لكنّ جميع مهندسي وخبراء ومختصّي الشركة الوطنيّة لاستغلال وتوزيع المياه.. عاجزين تماما عن إصلاح عطب بقناة رئيسيّة بقطر 1.4 متر لنقل المياه.. دون ضمان استمرار تدفّق المياه.. ممّا يغرق مئات آلاف المواطنين بمناطق شاسعة بالعاصمة وبولايات أخرى.. في جفاف مريع.. مسبّبا معاناة كبرى. . وشللا تجاريّا في الكثير من القطاعات مثل الفنادق والمطاعم والمقاهي ومحلاّت الخدمات المختلفة وبعض المصانع الكبرى والصغرى..!!!!
ولا شكّ أنّ مجرّد الخسائر الإقتصاديّة لذلك تبلغ مئات ملايين الدينارات للآلاف من الناشطين الاقتصاديّين..!!!
ففي أقلّ من سنتين فقط.. ربّما كانت هذه رابع أو خامس مرّة تقطع فيها المياه عن قطاعات كبيرة من البشر والمؤسّسات بإقليم تونس الكبرى.. بدعوى إصلاح عطب كبير بالقنوات..!!!
ولا يقتصر الأمر على وقت قصير أو حتّى عدّة ساعات..
وإنّما يتواصل انقطاع المياه ليوم أو يومين كاملين أحيانا..!!!
لكنّنا لم نسمع أنّ بلدانا أخرى تقطع المياه عن مواطنيها لأيّام في كلّ مرّة لإصلاح عطب بإحدى القنوات..!!
هل تعجز كلّ التقنيات حتّى في سنة 2019 عن مجرّد ضمان تدفّق المياه ببن طرفين سليمين لقناة كبرى بربطهما بطريقة ما عبر حلول فنيّة مبتكرة لابدّ أنّ بلدانا أخرى متقدّمة تستعملها.. في انتظار إصلاح العطب بين طرفي القناة..؟؟!!!
ماذا لو صادف وحصل عطب فجئيّ بقناة رئيسيّة للمياه أثناء تظاهرة دوليّة كبرى تنظّمها تونس..؟؟
فكيف ستكون صورة هذه الدولة.. وهذه الحكومة..؟؟!!
ماذا مثلا لو حصل عطب المياه مصادفة في القمّة العربيّة القادمة آخر هذا الشهر في تونس.. هل ستترك شركة المياه والدولة فعلا حوالي 5000 شخص.. بينهم ملوك ورؤساء ووزراء ووفود رسميّة ومئات الصحفيّين.. في قصور الضيافة والفنادق وقاعات المؤتمرات بدون مياه..؟؟!!
أم سيقع اللّجوء لحلول تقنيّة مبتكرة أخرى لعدم حصول تلك الكارثة الفاضحة..؟؟!!
من الواضح أنّ قنوات ربط المياه بإقليم العاصمة خصوصا قد اهترأت.. وهي تحتاج إضافة للتغيير والاستبدال حتّى لا تتعطّب في كلّ مرّة..
فهل سيقع اعتمادا على نفس المنطق الغريب والمذهل.. قطع المياه عن العاصمة لأشهر مثلا في انتظار استكمال أشغال الإصلاح والتجديد والربط لبضع كيلومترات من القنوات..؟؟!!