الحكومة تحتاج لشهر واحد "فقط" لتوفير صناديق !!
عبد اللّطيف درباله
عندما قرأت صباح اليوم أوّل الأخبار والتعاليق عن الندوة الصحفيّة لوزيرة الصحّة بالنيابة سنية بالشيخ.. حسبت الأمر مجرّد سوء نقل لتصريحاتها.. أو مبالغة.. أو سخرية سوداء لا غير..
لكنّني عندما شاهدت وسمعت بنفسي.. صُدِمْتُ.. رغم أنّه في تونس.. حكومة وطبقة سياسيّة.. لم يعد هناك ما يصدم حقيقة..!!!
شاهدت وسمعت الوزيرة بالنيابة وهي تتكلّم بجديّة بالغة.. بحركات وتعبيرات تظهر وكأنّها تتحدّث عن قرار بالغ الأهميّة وثوري وعبقريّ وخطير.. لتقول لنا أنّ سيّدها رئيس الحكومة.. أمهلها شهرا واحدا لا غير..
نعم شهر واحد..!!
فهل كانت مهلة الشهر لإنهاء التحقيق وتحديد الأسباب والمسؤوليّات عن الوفيّات الجماعيّة للرضّع..؟؟!!
أم كانت مهلة الشهر لإتمام اتخّاذ كلّ الإجراءات والإحتياطات لمنع أيّ وفيات شبيهة مستقبلا لا لدى الصغار ولا لدى الكبار..؟؟!!
أم كانت مهلة الشهر لتعويض أولياء الرّضع المتوفّين..؟؟!!
أم كانت مهلة الشهر لإعداد مجرّد خطّة إصلاح شاملة للمستشفيات العموميّة ولو على الورق..؟؟!!
أم كانت مهلة الشهر لإعادة تهيئة وتعقيم جميع غرف العمليّات وغرف الإنعاش بكامل مستشفيات الجمهوريّة..؟؟!!
أم كانت مهلة الشهر لتوفير الاعتمادات الماليّة اللاّزمة لإصلاح قطاع الصحّة العموميّة وتوفير الأطبّاء والإطارات البشريّة والمعدّات والتجهيزات والأدوية وبقيّة المواد..؟؟!!
لا هذا ولا ذاك..
ولا حتّى ما يشبه..!!!
فقد كانت مهلة الشهر التي أعطاها رئيس الحكومة يوسف الشاهد لوزيرة الصحّة بالنيابة.. هي فقط لوقف تسليم جثامين الأطفال الرضع المتوفّين لأوليائهم في كرتونات.. (كرتونات مستعملة لسلع وأدوية حتّى لا ننسى)..!!!
لم تكن مهلة معقولة تبلغ 5 أيّام.. ولا أسبوع.. ولا حتّى 10 أيّام..
وإنّما تحتاج الحكومة على ما يظهر لشهر كامل لمجرّد توفير صناديق محترمة تعوّض الكراتين التجاريّة المستعملة لتسليم جثامين الموتى من الرّضع..!!!
يعني رئيس الحكومة الذي يزعم أنّه المنقذ القادر على النهوض بتونس بأكملها خلال سنوات قليلة.. وأسّس لذلك حزبا سياسيّا يضمّ أكثر من شطر الحكومة الحاليّة.. غير قادر على مجرّد توفير صندوق صغير للموتى لتعويض كرتونة.. إلاّ بعد شهر كامل..!!!
والسيّدة الوزيرة فرحة مسرورة تسوّق لقرار يوسف الشاهد وتقول بأنّه سيحاسبها عليه.. كما لو كان الشاهد “جاب الصيد من وذنه”.. ولم يكن ينقصها إلاّ أن تنعت القرار بالثوريّ والعبقري..!!!
حكومات عاجزة وفاشلة.. تبيع الوهم للشعب التونسي..
وللأسف لا تزال فئة كبيرة من الشعب ترى فيها أملأ زائفا لإصلاح أو تنمية أو نجاح.. لن يأتي على أيديها أبدا..!!!