حدثان متتاليان قلبا السّحر على السّاحر !
صالح التيزاوي
شهد هذا الأسبوع تلاحقا دراماتيكيّا لحدثين هامّين :
أوّلهما: تصريح “الزرقوني” معلّقا على نتاج سبر الآراء الذي قامت به مؤسّسة “سيغما كونساي”.. وبعيدا عن كونه تحريض أو أمنيات، أفلتت من مخزون اللّاوعي في لحظة شرود. فالثّابت، أنّها شهادة للتْاريخ كشفت عن المستفيد الحقيقي من الإغتيالين السياسيين وكشفت عن المتضرّر الحقيقي من ذلك. لتأتي بعدها وفي أقلّ من يومين معلومات خطيرة كشف عنها محامي مصطفى خضر، قلبت الطّاولة وأعادت خلط الأوراق… الموقفان، هل تزامنهما من باب الصّدفة؟ ولماذا الآن بالذّات؟
ما جاء على لسان الزّرقوني كشف أنّ حزب النّداء، لم يكن صعوده الصّاروخي ووصوله إلى الحكم، نتيجة لبرامج “ادّوّخ”، بل لأنّه بناها على مغالطات، أهمّها:
1. اعتبار المرحوم لطفي نقضي ضحيّة لحكم الترويكا، بما يوحي وكأنّها حكومة غاشمة تقتل مواطنيها على طريقة بن علي، مما اقتضى “سلوكا نضاليْا” لإسقاطها. بل وقيل إنّ مؤسّسه مبعوث العناية الإلهيّة لإنقاذ البلاد والعباد من حكم الترويكا وإرجاع هيبة الدّولة.
2. الإستثمار في دم الشّهيدين بلعيد والبراهمي، وتراوحت الإتّهامات لحكومة الترويكا بين تحميلها المسؤولّيّة الأخلاقيّة والسّياسيّة “لتساهلها” في محاربة الإرهاب، وبين الإتّهام الصّريح والمباشر بالمسؤوليّة الجنائيّة (موقف الجبهة) عكسه شعارهم الأبرز “يا غنّوشي يا سفّاح” والحديث عن وجود جهاز سرّي، أرادت الجبهة أن تصنع منه قضيّة رأي عام على مشارف موسم انتخابي.
3. تقديم صورة كارثيّة عن حالة الإقتصاد إبّان حكم الترويكا وهو أمر تكذّبه الأرقام بالمقارنة مع ما حدث تحت حكم النّداء، الذي شغل الإعلام والرّأي العام بأخبار شقوقه وصراعاته كما لم يحدث من قبل.
4. قدّم حزب النّداء نفسه كمنقذ ومخلّص لهيبة الدّولة ممّا لحقها من أذى على حدّ توصيفه بسبب القادمين الجدد للحكم، وأوهم النّاس بقدرته الخارقة على تحسين الأوضاع الإجتماعيّة وجلب الإستثمارات.
الآن وقد انجلى بعض الغبار، يتبيّن أنّ ما اعتبره النّداء “نضالا” كان مجرّد وهم، غايته إعادة المنظومة القديمة للحكم والإنقلاب النّاعم على الثّورة ومكتسباتها. وأمّا الجبهة، فقد جعلها محامي خضر في موقع الإتّهام بالمغالطة وإخفاء معلومات قد تدين بعض قياداتها. وقد باتت مطالبة بإثبات عدم امتلاكها لجهاز سرّي.