محمّد عبّو: "لا تنه عن خلق وتأتي مثله" !
صالح التيزاوي
لست أدري كيف سمحت له سنوات عمره التي قضّاها في مقارعة الإستبداد، ولست أدري كيف سمح لنفسه وهو المحامي والحقوقي والسّياسي، أن ينحرف عن أخلاقيات الخطاب السّياسي، وينحدر به إلى مستوى غير مسبوق من الألفاظ غير المهذّبة وينساق وراء غرائزه وانفعالاته وكأنّه يعبّر عن ميولات كامنة في النّفس وليست مجرّد ردود أفعال.
محمّد عبّو في تصريحه المنفلت من كلّ القيم الأخلاقيّة ومن قيم المنافسة السّياسيّة النّزيهة، يصف من تقاسم معهم سنوات الجمر وسنوات الكفاح ضدّ الإستبداد بنعوت وصفات أساءت له قبل أن تسيء لهم، فهم على حدّ زعمه “منحطّون وبلا أخلاق وبأنّهم متخلّفون ومن يصوّت لهم فهو متخلّف مثلهم”.
لا أعتقد أنّ عبّو بذلك الإسفاف وبتلك البذاءة، بإمكانه أن يقنع أحدا، بعد فيض النّجاسة الدي جرى على لسانه بأنّه “صاحب أخلاق وبأنّه غير منحط وبأنه يخاف ربّي في السّياسة”. وليس له الحق، بعد سيل البذاءات أن يقدّم للمختلفين معه دروسا في الأخلاق، لأنّ “إلّي يخاف ربّي” لا يردّ على السقوط الأخلاقي (إن وجد) بمثله أو أشدّ فظاعة!!!. أمّا أعلى درجات الإنحطاط، فهو أن يصبح العهر بديلا عن الفكر، وأن يستمدّ “صاحب الأخلاق الفاضلة”، ألفاظه من معجم “أولاد وبنات اللّل”. وأمّا قمّة التّخلّف، فهو أن يرمي الإنسان غيره بالتخلّف ليوهم النّاس بأنّه “تقدّميّ” أو أنّه “حداثي”. فماذا لو صوّت له هؤلاء الذين وصمهم بالتّخلّف؟ هل يمنحهم صكّ البراء من التّخلّف؟
لماذا الآن كشف عبّو عن وجهه الحقيقي؟
لا أعتقد أنّ السّقوط الأخلاقي المدوّي لمحمّد عبّو، يعبّر عن مجرّد انزعاج ممّن انتقدوا مواقفه من بعض المسائل (مسألة الإرث ومسألة تجذير الهويّة) مع الإقرار بحقّه في اتّخاذ الموقف الذي يناسبه ويناسب “حزب العائلة”. الثّابت أنّ خطاب الكراهيّة والتّشنّج، يعبّر عن أزمة حقيقيّة يعيشها الحزب بسبب موجة الإستقالات التي اجتاحته.
ولا أعتقد أنّ سيل الألفاظ غير المهذّبة التي أطلقها سترمّم ما فعله عبّو بحزبه وبقيم العيش المشترك، لأنّها لن تضرّ بمن أساء إليهم ولن ترتفع به إلى مقام القدّيسين. وومهما حقّق محمّد عبّو من مكاسب سياسيّة سيبقى خطابه الأخير وصمة عار وفضيحة تلاحقانه.