أنور الحاج عمر
أمسكت نفسي طويلا عن الحديث عن التعليم في تونس والأساتذة والنقابة والوزارة. أمسكت عن الحديث لأن كثيرا من أصدقائي الأساتذة غضبوا مني حين تكلمت سابقا. حين أخبرتهم أنهم دون علم منهم يوظَّفون في يد عصابة متسيسة متأدلجة يسارية مغتربة في وطنها. لتصل على حسابهم لأهدافها الضيّقة..
اليوم. أرى أبنائي الخمسة التلاميذ وقد أصبحوا ينظرون للمدرسة باستخفاف وللأساتذة نظرة سلبية يرونهم مجرد طامعين من أجل بضع دنانير لا تسمن ولا تغني من جوع.
أبناء شقيت حتى أربيهم على تقديس العلم والتعليم. فجاء هؤلاء الأساتذة ببساطة تقودهم نقابة مجرمة في حق الوطن ليقنعوهم أن التعليم هو مجرد وسيلة للتمعش… فقط..
يعلم الجميع في تونس.. خاصة العاطلين عن العمل أن أفضل وظيفة حكومية للمجازين هي وظيفة الأستاذ. الأقل ساعات عمل والأفضل مرتب والأفضل ظروف مهنية. حيث لا يعانون من “تكمبين” الإدارة التونسية ونذالة الزملاء كثيرا وحيث قطاعهم الأقل غبن وظيفي. والترقيات لا تتأخر كثيرا. وحيث الضغط الإداري هو الأقل على الإطلاق. طبعا هم لم يجربوا العمل الإداري ولا يعرفون مدى سوءه. لهذا يظنون أن وضعهم سيء.
ففي حين يحلم جل العاطلين من أصحاب الشهائد العليا بالعمل في التعليم. يواصل المعلمونفي الاسهام في تردّي منظومة التعليم في تونس.
اليوم سأجد صعوبة كبيرة في إقناع أبنائي بالعودة لمقاعد الدراسة حيث يواصلون إضرابهم عن الدراسة لا مبالين بالاساتذة واستخفافا بالمنظومة التعليمية. سأحتاج لكثير من الوقت والجهد وربما سأفشل. وسننتج جيلا لا يستخف بالاساتذة فقط بل يحتقر أيضا الدولة ويمقتها. جيل بلا انتماء جيل متمرد على الجميع حتى الأولياء. جيل مقدساته مضطربة ومستقبله مظلم..
أي عبث هذا ينقاد له الأساتذة والمعلمون في تونس وأي خراب سيلحقونه ببلادنا.. ؟؟
ويتظاهرون بأنهم لا يعلمون أن الهدف من كل هذه المهزلة هو إسقاط الشاهد وحكومته.. هدف تستميت الجبهة الشعبية في تحقيقه والمضحك في الأمر أنها لا تحققه لنفسها. فاليسار التونسي لطالما كان مجرّد “تيّاس” عند نظام المخلوع. ولازال. يستميت اليوم في إسقاط الشاهد خدمة لشق من نظام المخلوع. ويتسابق الجبهاويون في تحقيق ذلك. وينقاد رجال التعليم في تلك المعركة التي لا ناقة لهم فيها ولا بعير.. رجال التعليم الذين يفترض أن يكونوا حكماء المجتمع..
لا تنزعجوا كثيرا من كلامي. أو إن شئتم انزعجوا.. انزعجوا كثيرا.. واغضبوا كثيرا.. فأنا في منتهى الإنزعاج والقلق على مصير أبنائي ومصير بلادي بعد كل هذا العبث. بل وكل التونسيين يجب أن ينزعجوا ويغضبوا كثيرا. فنحن نسير سريعا للخراب..
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.