• الأول لحركة “باسطا” نُشر منذ يومين على مواقع التواصل الاجتماعي دون إمضاء وقرأناه في صفحة “BASTA” والتي يبدو أنها حركة شبابية (؟) يقول أصحابها الذين لم يُفصحوا عن هوياتهم أنها مثل حركة “ما نيش مسامح” و”وينو البترول” وعلى الصفحة (GROUPE) نجد الكثير من الشعارات المضادة للفساد… ومن خلال نص البيان يبدو أنّ وراء هذه الحركة مشروع فكرة لأنّ المُفردات المُستعملة في النص تُحيل على مرجعيات وعلى ناس خطّها واضح… ويمكن أن تكون بداية لتأسيس مناقشات نظرية رصينة. (هكّة فهمت رغم أنه إلى حدّ الآن ما شفت شيء).
• الثاني لحزب العمّال بتاريخ 25 ديسمبر 2018 ، يوزّعوا فيه البارح في الباساج وسط العاصمة وخذيت نُسخة. نصّ البيان مكتوب بنَفس ثوري وبأسلوب تجييشي واستُعملت مُفردة “جماهير” و”احتجاجات شعبية” و”حكم المافيا” و”تفقير” و”تهميش” ويتحدّث على جماهير خرجت في سيدي بوزيد وبو زيان والرقاب والقصرين وتالة وجبنيانة وطبربة والكاف والعاصمة…
والملاحظة المهمّة هي تبشير حزب العمال للجماهير باستعداد الصحافيين وبقية القطاعات لتنظيم الإضرابات دفاعا عن حقوقهم المهدّدة … ويتحدث البيان أيضا عن المُعالجة الأمنية والقمعية للإحتجاج(؟)… ويدعو الجماهير إلى الخروج إلى الشارع “إلى الثورة أيها الشعب العظيم”…
•••
الملاحظة الأولى: يوجد تشابه كبير في “الألوان” (الروح) بين البيان الأول والبيان الثاني وهذا على الأقل يخلينا نفهم شوية وما نتسرعش في إصدار الأحكام (شكون تابع شكون)…
الملاحظة الثانية: بالنسبة للبيان الثاني ممكن نفهم من خلاله وين ماشين بنا السياسيين (يسارا ويمينا). ونفهم ما يدور حولنا (الصحافي الذي حرق نفسه وتصريحات ناجي البغوري الأخيرة وتصعيد نقابة التعليم الثانوي وحتى قضية تعنيف الإعلاميين…). وزادة نفهم ردّة فعل عبد الكريم الهاروني (رأيه في أشكال التعاطي مع الإحتجاج).
الملاحظة الثالثة: ممكن أنّ التشخيص (في الزوز بيانات) فيه مبالغة، وأيضا تصريح الهاروني خارج السياق وفيه لغة خشبية لا تليق بمناضل قضى أكثر من 18 سنة في السجن بسبب الإحتجاج والمطالبة …
لكن حبينا أم كرهنا هذا يعكس واقع فيه الكثير من الحقيقي ولكن فيه المُصطنع والمركّب والمُتخيّل… وما جاء في البيانين وفي التصريح يعكس السعي الحثيث للإستثمار في الأزمة وربما توظيفها سياسيا وممكن نفهم من وراءه أنّ شيئا ما بصدد الطبخ (ليس بالضرورة تكون طبخة رديئة). وهذه البيانات مُقدّمة. (يجب إعادة قراءة مؤتمر حزب العمال ونتائجه وإبقاء حمه على رأس الحزب… واستحضار وقائع انتخابات 2014 والتحالفات التي حصلت بين حمه والباجي والـKIA…)… والسترات الحمراء…
الملاحظة الرابعة: وهي الأهمّ أنّ أصحاب البيان لم يُقدّموا حلولا ولم يُشيروا حتى إلى أنّ لديهم بديلا للخيارات الإقتصادية والاجتماعية التي عمقت مظاهر التبعية والتفقير والتهميش؟؟؟ فقط كلام وشعارات وتجييش وأصابع إتهام لـ”حكومة الإئتلاف الطبقي والسياسي الرجعي”… دون تقديم مشاريع بديلة للمناقشة.
الخلاصة:
إيه الكلام الذي قيل أغلبه صحيح وباهي… والناس الكلّ تقول في نفس الكلام ولديها نفس التشخيص للوضع… والسؤال الذي بقي دون جواب: ما العمل؟ (سؤال لينين).
الأكيد أنّ الإحتجاج تحول إلى أمر واقع والأكيد أيضا أنّ الحكومة بيّنت بالمكشوف أنّها عاجزة على إيجاد حلول للأزمة لأسباب موضوعية (أزمة تراكمت عناصرها طوال عقود وليست وليدة اللحظة) وذاتية (صراع القصرين وارتعاش الحزام السياسي للشاهد) والأكيد أنّ الأحزاب السياسية بيسارها ويمينها مارست، ولا زالت، الإنتهازية وظهرت لا تملك بدائل واقعية وركبت على استحقاقات أولاد الحفيانة وهي منذ البداية تتصارع حول السلطة (صراعها أيديولوجي 100 بالمائة) وكلّ طرف يقول منّي ترجع ولمّا يصل إلى الحكم يفشل حتى في إدارة “الإحتجاج”… وكل طرف يستعمل الموارد الممكنة والمتاحة لضرب الطرف المُقابل (المنظمات والجمعيات والمال السياسي…).
لكن الأكيد أيضا أنّ كلام الهاروني مردود عليه، وما جاء في البيانين يُناقش ويؤخذ منه ويُردّ عليه… لأنّ الإحتجاج ممارسة راقية لها أهدافها وآلياتها ولحظة 17-14 لها دُروسها وعلّمت الشباب فنون الإحتجاج وأدبيات الشارع… المُحتجون تحوّلوا بفضل 8 سنوات ثورة إلى “فاعلين استراتيجيين” يميزون بين التكتيكي والإستراتيجي وبين الحقيقة والأخيولة وبين الزبد وما ينفع الناس…
دامت لحظة 17-14 تنبض إرادة شعبية مُتفائلة… ودام المدّ الثوري “حراكا” مواطنيا مُناكفا للثورة المضادة وعينا ساهرة على المسار الديمقراطي ومُدافعاً عن الشارع كفضاء للإحتجاج والتعبير والضغط…
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.