ملاحظة: ما يلي ليس شتما ولا تلقيطا ولا يجب أن يستغله المتربصون بالنهضة لمهاجمتها. إنه نقد يحاول أن يكون بناء.
1. تجربة التسعينات القاسية وتجربة الترويكا المُرة جعلت النهضة لا تطمئن للشعب. في لحظات الإنفعال يقول النهضاوي “لو يقع الإنقلاب علينا سيحدث لنا مثل ما حدث في التسعينات ولن يحرك الشعب ساكنا”. هذا أدى -في عقل النهضة- إلى معادلة تتكون من:
- إذا أرادت أن تحكم أو حتى تتواجد عليها أن تُرضي الفاعلين في تونس داخليا: مراكز القوة والمال وورثة السلطة القدامى. خارجيا: القوى الفاعلة تقليديا في تونس: فرنسا – الجزائر – أمريكا.
- عملية الإصلاح -في عقل النهضة- هي عملية مُطاولة، وهذا صحيح: هي عملية تراكمية وحذرة، فالوضع الداخلي معقد وكذلك العلاقات الدولية.
- إعتبارها الإنتخابات والتداول على السلطة مكسبا مهما ومنطلقا ضروريا للإصلاح، وهذا صحيح.
نتائج هذه المعادلة:
عن النقطة الأولى: ترتب إنحيازها للأقوياء ومهادنتهم وانتصارها لسياسات غير إجتماعية ومشاركتها في تشريعات تخدم مصالحهم. خارجيا هادنت تلك القوى وقدمت نفسها حاميا جديدا لمصالحهم. وبالتالي: عوض أن تُرضي الفقراء والمهمشين فيكونوا لها ظهيرا عولت على استرضاء الأقوياء وهذه معادلة خاطئة لو نفعت لكان نفعت بن علي ومبارك..
عن النقطة الثانية: المطاولة يعني التعويل على الزمن. ولكن حتى تصبر الناس لابد من الأمل. هناك فرق بين صبر قواعدها عليها وصبر الناس العاديين. هي تُعوِّل على أن تلعب قواعدها دور الفرامل الإجتماعية: التشكيك في وجاهة الإحتجاجات، شيطنتها أحيانا، معارضتها بخطاب الصبر. ولكن إلى متى في حالة إنعدام الأمل؟ مشروع المطاولة (وأنا مقتنع به) يكون في عين الإنسان العادي العاطل مشروع حكم وليس مشروع نهضة اجتماعية.
النقطة الاخيرة: تقرير الأمم المتحدة حول تجارب الإنتقال الديمقراطي أكد أنه إن لم نسارع في إعطاء الناس الأمل تتحول الإنتخابات إلى مجرد فلكلور وإجراءات شكلية فيقع العزوف عنها ويفشل المسار وتحل الفوضى. وهذا ما نخشاه. ما يحدث اليوم هو غضب وإحباط حقيقي يندسُّ فيه ويستغله الإماراتي والسعودي وسكان قصر الدسائس. والشاهد ليس إلا خادم الأغنياء القدامى والقوى المهيمنة تقليديا على تونس.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.