وداعا هيئة الحقيقة والكرامة
تنهي الهيئة تقريرها النهائي وتختم أعمالها نهائيا خلال ندوة اختتام أعمالها وتقديم التقرير النهائي في 14 و15 ديسمبر 2018.
وتندرج أعمال الهيئة التي دامت خمس سنوات ضمن مسار العدالةً الإنتقالية في تونس بعد ثورة الكرامة والعزة وهذا المسار. هو حالة إستثنائية في الإستثناء التونسي.
ولكنه أيضا مسار لم يخل من التجاذب والتوظيف والاستخفاف والتمجيد والتشويه والتنويه في الآن نفسة وهو أمر طبيعي باعتبار طبيعة أعمال هذه الهيئة والقضايا التي عالجتها فقد اهتمت أساسا بمحاولة تضميد جراح الماضي وإنصاف ضحايا الرأي والكلمة والنضال السياسي وكشف منظومة الإستبداد وإرساء مناعة عدم تكرار الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومساءلة المذنبين وجبر ضرر المتضررين وتحقيق المصالحة الحقيقية بين أفراد هذا الشعب العظيم.
لا شك أن هناك من هو متعطش إلى الحقيقة والاعتذار قبل أي شكل من أشكال الجبر الأخرى حتى تضمد الجراح النازفة وتدفع المرحلة إلى التجاوز والصفح الحقيقين وتنتقل البلاد إلى مرحلة أخرى مختلفة عن تلك المراحل التي عانى فيها جزء من الشعب كل أشكال التنكيل والترهيب والتعذيب والتقتيل والمحاصرة والإذلال والقهر الممنهج للحقوق الأساسية للبشر وعلى رأسها حرمة الجسد والنفس والعرض والتنقل والتنظم والتعبير والحياة وغيرها…
وبما أن هذا المسار يشارف عن للانتهاء فإن مدى انخراط الجلادين فيه هو مقياس لمدى المصالحة الجذرية والحقيقية وإرساء المناعة الحقيقية وفِي غياب الحد الأدنى سيكون المسار معلقا ومؤجلا وغير مكتملا كما التجارب المقارنة وسيجتر المستقبل للاسف جراح الماضي والحاضر.
وفي كل الحالات هنيئا للهيئة ولكافة أعضائها ولرئيستها رغم أنها مثلت شخصية خلافية ولكنها أبدعت في الدفاع على المسار والتشبث بإنهاء الأعمال بقطع النظر عن النقائص وحتى الإخلالات وسيكون للتونسيين ذاكرة مميزة لمراحل عصيبة في تاريخه المعاصر.
هنيئا لتونس وللأجيال القادمة بما أبدعه العقل التونسي من مسارات لتجاوز العنف والإنتقام بعد الثورة.
فلا بدّ لليل أن ينجلي