يريدون عفوا عاما على منظومة الفساد !!!
أقص عليكم، أحبتي، هذه القصة التي حصلت لي :
بتعليمات من عصابة أمن الدولة تمت نقلتي الى سجن المهدية في صبيحة اليوم الذي كنت أنتظر فيه زيارة أبنائي لي بسجن 9 أفريل بمناسبة إحدى العطل المدرسية وتوقيت النقلة هذه المقصود منه معاقبتي بحرماني من رؤية أبنائي دون أدنى مراعات للأثر النفسي الذي يتركه حرمان أطفال من أبيهم السجين بعد أن تهيؤوا لرؤيته ولو وراء القضبان ! ولما كانت الرحمة منزوعة من أعداء الطفولة وبما أن مدير سجن المهدية الهادي الزيتوني استقبلني حال إنزالي من سيارة نقل المساجين بالإعتداء اللفظي والمادي وأمر أعوانه ببعثرة أدباشي بداعي التفتيش، وهي المفتشة عند خروجي من سجن تونس وقاموا كعادتهم بخلط حاجياتي البسيطه (ملابس ومواد تنظيف وبعض الأكل) خلطا شماتة وتنكيلا، وفي مثل هذه الحالات لا يملك الإنسان إلا مواجهتها بابتسامة وتصنع الهدوء، خاصة لما يسمع رسائل تُمرّر له مفادها بوجود تعليمات للإذلال والإهانة.
بعد هذا الإستقبال الذي أراد من خلاله الهادي الزيتوني إظهار ما ينتظرني إن أنا لم أخضع وقع نقلي للإقامة في غرفة معدة للمساجين الذين يتناولون الأدوية المهدئة (جماعة دواء الأعصاب) وذلك لعزلي عن بقية المساجين السياسيين مع التنبيه على “كبران” الغرفة بأن يمنع عني الحديث مع أي سجين طبعا والحرمان من الكتب والجرائد. إزاء هذه الوضعية قررت الدخول في إضراب جوع تواصل تقريبا 15يوما دون إكتراث من إدارة السجن أو رعاية طبية بل الأدهى من ذلك أن فوجئ المساجين بالغرفة ذات صباح وقبل الوقت العادي للتعداد الصباحي بدخول مدير السجن الهادي الزيتوني ونائبه الملازم مراد الحناشي وعدد من طلائع السجون لم تتسع لهم الغرفة المكتظة أصلا بالمساجين وبقى عدد منهم بالبهو الخارجي، وحال وصوله إلى فراشي في ركن الغرفة بدأ الزيتوني يجرني سبا وشتما وأخرجني مباشرة إلى السجن الإنفرادي (السيلونات) البعيد نسبيا وطول المسافة كنت أتلقى الصفع واللكم خاصة من الهادي الزيتوني… بالساحة الصغيرة “للسيلونات” تمّ تجريدي من كل ملابسي دون إستثناء وأجلسوني عاريا على الإسفلت وقيدوا يدايا إلى الخلف وجاؤوا بقارورة حليب وقام العون حسن البعثي بالإطباق على رأسي بركبتيه بقوة خِلت أن رأسي قد إنطبق وٱنفتح فمي دون إرادة مني وسكبوا فيه الحليب الذي تناثر على كامل جسدي. لم يكتف الجلاد الهادي الزيتوني بذلك بل تركني على حالتي تلك عاريا ومقيدا إلى الخلف في البرد الشديد إلى آخر المساء عندما أعطوني بدلة زرقاء ووضعوني في محلات العقاب (زنزانة إنفرادية ضيقة) وأذكر أن الهادي الزيتوني قال لي بأن لديه تعليمات بأن يقطع لي إضراب الجوع بكل الطرق،
أحبتي، ما من معتقل في العهد البائد إلا وله فصول مروعة من المعانات عن طريق سجّانين وقع اختيارهم خصيصا للتنكيل خاصة بالإسلاميين وفي كل سجن يوجد أمثال الهادي الزيتوني ومراد الحناشي وحسن البعثي… وللحديث بقية إن شاء الله.