صداع البحث عن شريك/زبون
هناك وهم يروجه العديد من المعنيين بتشكيل المشهد في المرحلة المقبلة ومن بينهم أغلب قيادات النهضة.
وهم يقول أن نهاية التوافق بين الشيخين سيؤسس لتوافق جديد بين النهضة وحزب الشاهد الذي مازال مضغة في “رحم مطمح” الندائيين الجدد.
التوافق إستثثناء تاريخي دفعت له ضرورة تجنب مكروه التحارب. وهو الادنى في درجات سلم الإلتقاء السياسي غالبا ما توجهه الإرادوية السياسية الحائرة بعد عجزها عن حسم الصراع مع الخصم.
الحقيقة الماثلة الآن وهنا في المشهد أن توافق الشيخين إنتهى دون أن تنتهي مسوغاته التاريخية ومدارها إنقاذ البلاد من ممكن التهارج، ودون أن تنتفي مبرراته السياسية ومدارها ضرورة تشكيل فريقا للحكم بحساب برلماني كمي بالأساس فرضه النظام الإنتخابي ومن قبله ومن تحته البناء الدستوري.
مضغة حزب الشاهد تتغذى من خطاب التمايز على النهضة والنهضة تبشر باستمرارية نهج التوافق مع قادم مفترض يعد أرضية التأسيس على خطاب الإستقطاب بدعوى ظاهرها إحداث التوازن في المشهد وباطنها التناقض مع النهضة.
هذه دائرة عبثية لا تبنى عليها إستراتجيات ثابتة ولا تكتيك ناجع…
أم الحقائق التي يجب علي الحاسة السياسية للنهضة استحضارها اليوم أن نهج التنازل في طريق البحث عن شريك لم ينجح، لم ينجح في إقناع نخبة موبوءة بثقافة الإقصاء والإستفراد بالحقيقة الوطنية، وأن هذا النهج يكاد يستفرغ النهضة من مقوم قوتها المركزي وهو أساسا وهو تحديدا رأسمالها الأخلاقي.
السؤال الصحيح كيف نتقدم في اتجاه الحكم دون صداع البحث عن شريك/زبون.
ثلاثة أرباع الجواب في تقديري وللأسف في الخارج وليس في الداخل.
من “هناك” ترسم استراتجيات المحافظة على السلم الأهلي والحكم الرشيد، وما “الهنا” سوى صدى لرغبة ومصالح من يحرك خيوط اللعبة من وراء بحر واحد… بحر المتوسط.
أعرف وأعي أن الخلاصة مقلقة ومقرفة ومفزعة أيضا ولكنها أم الحقائق مادامت تونس بين يدي نخب مستعدة اليوم ومستعدة دائما أن تختار العبث إذا خسرت مصالحها.