“المرزوقي”.. ورْطة عقْل
عبد القادر عبار
1. جميل ما قاله أحد عقلاء السياسة وهو أسيفٌ على حال زميله الدكتور الطبيب، الحقوقي والمثقف المرزوقي الذي مازال قدْره بين شامت وراحم ومتأسف: “لو كنت مكانه لاكتفيتُ بنصيبي في السجل التاريخي التونسي كأول رئيس منتخب بعد الثورة.. وانسحبتُ من عراك السياسة ومستنقع السياسيين حتى لا أعطي فرصة للمتربّصين والسماسرة بمسح علائق أيديهم وطرح لعاب ألسنتهم على “البُرنس” ليدنّسوا رونق وبَره !”.
2. من المروءة أن لا نبخس الرجل أشياءه: تاريخه النضالي الصادق لصالح الحريات والمستضعفين وكفاءته المهنية الطبية وكتاباته الإبداعية المتنوعة.. وقدْره العالمي.. ونجوميته في المحافل الدولية العلمية والحقوقية
ومن المروة الوطنية أن لا ننخرط مجانا مع الشامتين المفتشين عن صغائر الرجل، المضخّمين قصدا لعثراته، والغاضين النظر عن كبائر غيره وسفاسف نظرائه وجرائم زملائه.
3. أول ما جاء المرزوقي واستقر في تونس في بدايات الثمانينات استفزّ المثقفين بأطروحة نشرها على حلقات على صفحات جريدة “الرأي” تحت عنوان “لماذا نحن متخلّفون؟”.. وهو سؤال جريء في ذلك الوقت لم يبادر بطرحه غيره.. حرّك به سواكن القراء وأحدث حراكا لدى المهتمين وشغل المثقفين.. فهل هذا اللغط والتحامل والتشمت والقيل والقال الذي ينتابه اليوم هو لأننا مازلنا متخلفين كما إستنتج ذلك في أوائل الثمانينات ؟
4. الرجل قارئ بامتياز ومطالع نَهِم.. حدثني أحد أقاربه ممن زاروا بيته أول استقراره بالوطن أنه لاحظ أن الرجل لا يترك القراءة حتى في بيت الخلاء حيث لاحظ وجود بعض الكتب على رفّ فيه مما يدل على أن الرجل كان لا يضيّع وقتا.. وهذا لا يستغرب فالرجل عايش وعاشر قوما (فرنسا) معروفين بشغفهم للكتاب وحبهم للمطالعة فهم لا يهدرون وقتا ولا يضيعون فرصة.
5. على طول الصفحة الأخيرة لجريدة الرأي في الثمانينات.. قرأنا للرجل بوْحا أدبيا رائعا بعنوان “الطبيب والموت”.. تأثر به كل القراء لأن الطرح كان جديدا وإبداعيا، كتبه عن علم وخبرة.. فهل تكون للدكتور الشجاعة الأدبية والسياسية فيكتب اليوم على منواله، مقالا بعنوان “موت السياسي وهو حيّ” يصف فيه شعوره وهو يرى “حراكه” يتفتت وأنصار مشروعه يواجهونه بالعقوق ويتنافسون على الهروب منه ؟