تدوينات تونسية

فوضى الإنتقال على الفضاء الافتراضي

منذر بوهدي

ماهو دور البوليس “السياسي” الإفتراضي؟
الرقابة الأمنية على الفضاء الافتراضي ومواقع التواصل الإجتماعي ومواقع الواب ومنضات البيع وغيرها في مجال الترابط اللامادي الحديث هي مسألة طبيعية ومعلومة وهو أمر عادي وموجود في أغلب الدول باعتبار المعلومات والمعطيات التي يتوفر عليها هذا الفضاء الافتراضي وخاصة مواقع التواصل الإجتماعي والتي يمكن أن تساعد في مجال محاربة الجريمة والتصدي للإرهاب والتهريب وغيرها من المسائل المرتبطة بالأمن عموما.

أما أشكال “البوليس الرقابي” على الناس وعلى آرائهم وتدويناتهم وكتاباتهم ومعطياتهم الشخصية بغاية التضييق والإبتزاز والمقايضة والإستغلال لاستهداف الخصوم السياسيين أو تركيع الإعلام أو التدخل في القضاء والتي ارتفعت وتيرتها مؤخرا من خلال بعض الإيقافات لبعض المدونين والإعلاميين ومحاولات التأثير على بعض الأجهزة القضائية من خلال التدخل المباشر للجهاز التنفيذي كما سجل نشر مغالطات حول القضاء بغاية الإساءة إليه ويعتبر كل هذا مخالف لمقتضيات دستور البلاد لسنة 2014 بل هناك ممارسات يعاقب عليه القانون الحالي وتمر اليوم دونما ردع وضمن “فوضى الإنتقال الإفتراضي” في تونس.
ولان هذا الفضاء الإفتراصي يكتسح المجال الحقيقي وأصبح جزء من حياة الناس في الشأن العام والخاص وبات هذا المجال الإفتراضي والذي تتوسع رقعة تدخلاته بتسارع كبير وأكثر من أي وقت مضى يأخذ حيزا كبيرا من وقتنا واهتماماتنا ومعاملاتنا الإقتصادية ولذا أصبح اليوم من الضروري بل من أوكد الأولويات الإسراع بإعادة النظر في القوانين المنظمة للعلاقات في المجال الإفتراضي وللجرائم الإفتراضية وإرساء الركائز الضرورية للحفاظ على القيم الأخلاقية الخاصة بمجتمعنا والتي وجب تاصيلها وحمايتها وتأمينها للناشئة خاصة والأسرة والمجتمع بأسره بما ينسجم مع الدستور والمنظومة القيمية والهوية التونسية وكل تأخير في معالجة هذا المنشط المهم للغاية وإيجاد رؤية مجتمعية مشتركة له هو إسهام في تعميق الفوضى والتسيب الحاصلين وربما تتحول بعض التجاوزات إلى ظواهر يصعب تطويقها والسيطرة عليها خاصة أن الإفتراضي لا يخضع لمنطق المجال الحقيقي ومعالجته أيضا تختلف جذريا.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock