حلزونات وأرانب
عايدة بن كريّم
في المنطقة التي أسكن فيها تقريبا زادوا 40 روضة ومحضنة وحضانة… ليتضاعف العدد ويتحوّل إلى ظاهرة…
المنطق يقول أنّ بعد عشرين سنة سيكون لدينا نفس العدد من مراكز إيواء المُسنّين ورعاية كبار السنّ… صغارنا كيف يحلّوا عينيهم على أمّ وأب يحطّوهم في الروضة لأنهم يخدموا وعندهم مشاغلهم أكيد أنّ الأبناء لمّا يكبروا وتكون عندهم مشاغلهم واعمالهم سيلجؤون إلى نفس الحلّ… يهزّوا والديهم لمراكز رعاية المُسنّين ليس لأنهم عايقين أو غير بارين بوالديهم ولكن لأنّ مشاغل الحياة لا تترك أمامهم خيارات أخرى…
نمط العيش المديني وتقليص الأزواج الجدد من الروابط العائلية فالجدة لم تعُد تقوم بنفس الأدوار والعمّة لم تعُد مرغوب فيها والجيران كل واحد في داره… والناس أصبحت تبحث عن الحلّ الأناني إلّي يريحها شخصيا دون التفكير في مآلات تذرّر العائلة وبرودة العلاقات وتقزيم دور “الكبار”… وكلّ واحد أصبح باني قفص معشش فيه وما يحبش شكون يقلقو وإلاّ يتدخّل فيه…
أولادنا بحاجة للدفئ موش متاع الشوفاج سنترال وإنما متاع حنان الجدّة ودلال الجدّ ومعزّة العمّة والبوسة المرصوصة متاع الخالة ولمّة الدار الكبيرة والجلوس على الحصير حول المائدة والماكلة من قصعة واحدة…
أولادنا بحاجة للشعور بأنهم ذوات مرغوب فيها وانّ روابطهم قوية وجذورهم ممتدّة… فيشعرون بالإطمئنان ويحسّوا أنهم كيف يطيحوا يجوا في حجر وافر وحضن دافئ وكيف يعثروا فمّة شكون يسمّي ويقول اللطف عليك ويجري ويطبطب ويبوس…
أولادنا بحاجة لشكون يسمع بكيتهم ويمسح دمعتهم ويحس بوجعهم ويُنصت لدقات قلبهم… يشدّ بيدهم ويددّشهم حتى تستوي خطواتهم ويستقيم عودهم… وفي ظلّ هذا النمط الجديد متاع الأم تجري والأب يجري وما فمّة كان المروّضة تكش وتنش وحتى كان ما كشتنش ونشتش الطفل بالنسبة ليها رقم في دفتر المداخيل وتوفير الشوفاج سنترال داخل في كرّاس الشروط وتقديم اللّمجة مسألة ميكانيكية وpanier الفطور مؤشر على مُستوى العائلة… والصغير يعدّي نهاره في مُربعات ومُثلّثات ما عندوش الحق يتجاوزها أو يخرج عليها…
الصغيرات هم في نفس الوقت حلزونات تحب تمشي ببطئ وأرانب تحب تبرطع وغزلان تحب تصعد فوق الجبال وأحيانا تتخيل نفسها أسود لها مملكات وأحيانا أخرى تتخيل روحها TOM وسبيدرمان… يحبوا يلعبوا بالرمل ويقفزوا من فوق السور ويعوموا في بانو الصابون…
هكذا تتشكّل شخصياتهم ويولّوا “رجال”…