التفرّغ النقابي عاملٌ ولكنه لا يعمل
نور الدين الغيلوفي
هنا. لست أتحدّث في القانون وتفصيلاته..
وهنا.. لست أعمّمُ…
أنا أتساءل فقط بما يمليه عليّ المنطقُ…
ألا يمكن اعتبار التفرّغ النقابي بدعة لا صلة لها بالعمل ومقتضياته؟
ألم يكن التفرّغ النقابيّ في عهد الاستبداد أداة استعملها النظام لممارسة الابتزاز على قيادات عمّاليّة لا تعمَلُ؟..
ينقطع النقابيّ عن العمل بدعوى التفرّغ للنضال الثقيل… وتُصرَفُ جرايته كاملةً غيرَ منقوصة من مُشَغِّلِهِ الافتراضي.. الوزارة التي ينتسب إليها.. ولعلّه ينال نصيبه من منحة الإنتاج والإنتاجيّة.. لا أدري…
اليوم صارت أغلب الإدارات، لفرط الفساد بها، تغضّ الطرْفَ عن المتفرّغين للعمل النقابيّ الذي لا أفهمه.. تَصْرِفُ أجورَهم صاغرةً في تعاقد ضمنيّ أو صريح بين جهتين تخرقان القوانين المرعيّة…
أما كان أحرى بالاتّحاد العام التونسي للشغل أن يصرف جرايات مناضليه المتفرّغين؟ ألا يكون وقتها أشدَّ حرصًا على أن ينجزوا له وللبلاد ما يفيد؟ ألا يكون ذلك إسهاما منه في حلّ بعض المشاكل؟
أليس العمل النقابيّ تطوُّعيا؟
ألا يقتضي التطوّع تضحية؟
أليس المتطوّعون أولى بالعمل النقابيّ من أولئك الذين يتّخذون منه مطيّة لفرارهم من العمل لقاء جراية يحصلون عليها من الجهة التي يناضلون ضدّ سطوتها؟
ومن غرائب ما نشهد بمؤسَّساتنا أنّ العامل يتفرّغ ولكن بالتقسيط.. يستظهر بوثيقة كلَّ ثلاثة أشهر، مثلا، فتكون الإدارة التي يعمل لديها عاجزةً عن انتداب غيره لأن موقعه يحمل اسمه.. وعاجزةً عن ترك مكانه شاغرًا فهي مجبَرَة على سدّ الشعور أثناء غيابه..
لا ضير في انتشار الفساد.. المهم أن يرضى النقابيون.
كفى مغالطات
علاش ثمّة جماعة عاملين أرواحهم ناطقين رسميّين باسم اتّحاد الشغل؟..
ياخي هو دار السيد الوالد اللّي تولدوا فيها؟
ولخرين شبيهم؟ ياخي جايين منين؟
يا سيدي..
الاتّحاد راهو بيت مشترك بين التونسيين جميعا.. وما هو حكر على حد..
الاتّحاد مكسب وطنيّ لا نختلف عليه.. إنّما نختلف على ساكنيه الذين يتّخذون منه منصّة يرجمون منها غيرهم…
موش مزية أن الاتّحاد يدافع عن العمّال.. عمّال تونس الكل..
موش مزية أن الاتّحاد يعاون الموظَّفين على نيل حقوقهم.. موظَّفي تونس الكل..
موش مزية أنّ الاتّحاد يرفع المظالم عن الشغّالين.. الشغّالين الكل..
موش مزية أن الاتّحاد يحرّر العمّال.. العمّال الكل من عبودية أرباب الأعمال وَسَادة الاموال…
قيادات الاتّحاد يتمرّغون في مساهمات العمّال والموظَّفين التونسيين.. ويمنعونهم من النطق بما لا يرضيهم..
لن ننطق إلّا بما يرضي ضمائرنا ويدافع عن منظَّمتنا..
كفى ابتزازا…
كفى احتكارا لخيمة هي أعدل الخيام قسمة بين التونسيين..
كفى ادّعاءً للكمال والعصمة والنزاهة المطلَقة…
وحدَهُم المتفرِّغون للعمل النقابي المتعِب.. هم الذين يتصدّون للدفاع عن اتّحاد يخافون عليه من النقد…
أثبتوا ولاءكم للاتّحاد بمباشرة أعمالكم واجعلوا من نضالكم النقابيّ نضالا تطوُّعيًّا.. ألستم جئتموه متطوِّعين؟
الناس مستعدّون للتطوّع ما دام الأمر ثقيلا عليكم…
سننقد قيادات الاتّحاد متى حادت.. ولن نخافَ..
سندافع عنها متى أحسنتْ.. ولن نتردّدَ…
خلّوا بيننا وبين منظَّمتنا..
فأنتم عابرون وهي باقية…