عيد المرأة 2018… الصورة الصادمة
إسماعيل بوسروال
خاب أملي في رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وظهر لي شخصا عاديا فاقدا لتلك الهالة التي صنعها لنفسه وهيأها له الإعلام البنفسجي… هو رئيسي ورئيس جميع التونسيين فقد فاز بالرئاسة بـ 56٪ في انتخابات نزيهة وشفافة -رغم بعض الملاحظات- وتلقى التهنئة من منافسه المنصف المرزوقي وحاز على القبول الشعبي الواسع.
أنا لم أنتخب الباجي قائد السبسي بل نشطت في الحملة الإنتخابية للدكتور منصف المرزوقي من باب التنافس السياسي الذي كنا نفتقده… كنت منحازا إلى المرزوقي لأسباب مبدئية إستراتيجية رغم مؤاخذاتي على أدائه أثناء فترته الرئاسيةً ولكن إنجازاته ومواقفه كانت إيجابية.
كنت أدرك جيدا أن الحنكة السياسية تظهر أقوى لدى الباجي.
ولكن العامل الرئيسي للإنحياز إلى المرزوقي ضد الباجي هو اطمئناني إلى أن (الإنتقال الديمقراطي مضمون) عندما يكون المرزوقي رئيسا ولكن الديمقراطية ليست مترسخة في التجربة السياسية للباجي قائد السبسي وكنت أخشى تنكره للإلتزامات والعهود نظرا للتقلبات التي عاشها في الحزب الدستوري مع بورقيبة أو في التجمع الديمقراطي مع بن علي وظلت ماثلة أمامي خروجه من (حركة الديمقراطيين الإشتراكيين) هو والحبيب بولعراس سنة 1980 مقابل تقلدهما مناصب وزارية.
كان الباجي قائد السبسي حكيما عندما تولى رئاسة الحكومة بعد الثورة في 2011… كما برهن عن حنكة خلال إعتصام باردو واختار الوفاق والتوافق والسلم الأهلي عندما دعا إلى الحوار مع النهضة وكان تجسيدا لممارسة متطورة لدى رئيس نداء تونس.
في2018/2017 ظهر الخلل واضحا في مزاج الرئيس الباجي حيث سار في خطين لا يؤديان إلى الإصلاح السياسي ولا الإجتماعي.
الخط السياسي تمثل في الميل نحو ممارسة النظام الرئاسي وإقالة الحبيب الصيد لأسباب غير واضحة ثم اقترح يوسف الشاهد مكانه في مشهد يتحايل على الدستور حيث يريد الرئيس أن يجعل من رئيس الحكومة مجرد وزير أول يخضع لتوجيهات الرئيس.
الخط الإجتماعي الخاطىء تمثل في دعوة لجنة الحريات الفردية لتتناول قضايا لم يطالب بها الشعب التونسي.
قضايا الشعب التونسي تخص المساواة في الحقوق الإقتصادية حيث يبدو الإختلال واضحا بين السواحل والدواخل وبين الحضر والأرياف… تفاوت طبقي بين نساء يأكلن بملاعق الذهب ونساء يشربن مياه الغدران.
وقضايا الشعب التونسي الإجتماعية تهم قضايا الإنحراف السلوكي الذي يتطلب نشر تربية سليمة وثقافة بناء… تعاني الأسرة التونسية مشاكل جمة تتطلب تمتين الروابط بين الرجل والمرأة والآباء والأبناء والأجداد والأحفاد من أجل بيئة سليمة تترابط فيها الأجيال ويتضامن المجتمع.
كان المشهد مزريا في قصر قرطاج يوم 13 أوت، نساء بورجوازيات يرفلن في أبهى الحلل وجئن من أرقى الأحياء (اللهم لا حسد) لكن… خاب الأمل في رئيس الجمهورية كرمز لوحدة التونسيين فغابت نساء تونس باستثناء جيران القصر الرئاسي.