المرأة البندقيّة ..
الخال عمار جماعي
لم يخرج من رغوة الفكرة زمن بهجتها إلاّ بحلم أن يكون شاعرا ومقاتلا.. ولمّا طرحت شجرة العمر ثمارها حصّل من الشّعر بعضه، ولم يجد سبيلا إلى البندقيّة.. لم تغادره نزوة شرسة في مسكها وتفكيكها وإعادة تركيبها ودفع الرصاصة داخلها.. فيطرب لسماع أزيزها وهي تندفع من ماسورتها.. ملأته أخبار فلسطين بالرّغبة الجارفة فإستبدّت به حتّى ليشتمّ رائحة البارود في كلّ خبر..
حملته أزمنة الحلم هناك عند صخرة لم تفاوض على البندقيّة.. و رآها. في وقفتها عزّة المقاتلين وعطر أصابعهم.. وفي امتدادها خريطة الأرض المقدّسة.. ماجت كشعر عذراء حين أمسكها مسك مقتدر.. فهذه لحظته التي انتظرها!
قبّلها فتوتّرت رصاصاتها واهتزّ قلبه من عشق يعلم أنه قاتله.. مسح عليها كمن يداعب عنق فرس عربيّة فانطاعت لعشقه.. فالحبّ لا يكون إلاّ عربيا.. قلّبها بين يديه فبانت رشاقة الصّنعة في ليونة الملمس واستواء الجسد الفولاذيّ.. أمثل هذا الجمال يمكن أن يكون قاتلا !.. بعض الموت -يا بلد- أن تعشق قاتلك..
قام يفكّ أجزاءها ليرى معجزة الله فيها.. فوجدها صافية ناصعة ما خالطها دنس تنحلّ وتجتمع كبتلات وردة في روضة القدس.. فالبنادق هناك وردات لمن يرى ويعشق.. ضمّها لصدره وباح لها بكلمة السرّ.. كانت قصيدة عشق لمحمود الفلسطينيّ.
وشّحت هيّ صدره بالكوفيّة وأقامت مع زنده الصّلب علامة النّصر…
“الخال”