ما انا مقتنع به، أنه من غير المفيد أن تعمد جهة ما بالدولة لفرض قوانين تصادم ما هو معلوم من الدين ودرج عليه الناس، ثم أن المجتمع يطور نفسه بنفسه.
فقد تخلى التونسيون عن مسألة سفر المرأة بدون محرم ودون أن يصدر فيها قانون ولكن الضرورات والتطورات تبيح المحظورات، وكانت تونس من أوائل الدول التي تهيأت فيها مناخات إلغاء العبودية في حين كانت بعض الدول تبني إقتصادياتها على الإتجار في البشر بصورة مباشرة أو مقنعة، وسن التونسيون صلاة الجمعة الأولى والثانية حتى لا يتعطل البيع والشراء وتحرم العقود وغيرها كثير مما تم من داخل المنظومة الثقافية نفسها وبسلاسة وبدون إكراه، وما دون ذلك فشل، فلا إفطار رمضان تم ولا التخلي عن ذبائح الإضحى إستجيب له ولا الإقتراض الربوي مجمع عليه وغيره كثير.
وما أنا مقتنع به أن الأولوية المطلوبة والمستعجلة هي تسوية الميراث في الشأن السياسي والمناصب العليا بالدولة حتى لا يكون حكرا على بعض الأسماء وعلى بعض الجهات، وما أنا مقتنع به أن الأولوية المطلوبة والمستعجلة هي تسوية ميراث ثروات الدولة ومقدراتها ووضع الأسس التي تجعلها متاحة بين كل التونسيين بالمساواة والعدل والقسطاس، فإذا سرنا في درب الحقوق والمساواة على الصعيد السياسي والإقتصادي أمكن للمجتمع ولقواه الحية طرح كل القضايا ومناقشة كل الأطروحات الدينية وغير الدينية، ودون ذلك هو شراء الحصير قبل بناء الجامع، أو وضع العربة أمام الحصان.
المراحل الإنتقالية تنجح بالمعارك الإقتصادية والسياسية وتفشل بالمعارك الهووية والثقافية.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.