تدوينات تونسية

الصيدلية المركزية تعمل بنفس وسائل الستينيات

حاتم الغزال

الصيدلية المركزية للبلاد التونسية تأسست قبل الاستقلال كمجرد مستودع للأدوية ثم بداية من سنوات 1960 اصبح لها دور كبير كمراقب ومورد وموزع حصري للأدوية والمواد الطبية في تونس. تونس التي كعهدها في أغلب المجالات في تلك الفترة كانت من دول العالم الثالث السباقة التي قامت بتقنين وتنظيم قطاع الأدوية والمواد الطبية.

مشاكل الصيدلية المركزية بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي فشأنها شأن كل الإدارات التونسية لم تواكب حركة التعصير خاصة من الناحية التقنية والإعلامية ثم استفحلت المشاكل في العشر سنوات الأخيرة إذ أن الصيدلية لم تعد هيكليا وتقنيا قادرة على مسايرة نسق تطور سوق الأدوية في تونس. الصيدلية المركزية التي كانت تشغل فقط 100 موظف ولم تكن ميزانيتها تتجاوز 1,5 مليون دينار سنة 1961 أصبحت اليوم توظف أكثر من 3000 شخص وتجاوزت ميزانيتها 800 مليون دينار ولكنها لا تزال تعمل بنفس وسائل الستينيات وبدون وسائل وتطبيقات إعلامية عصرية وبقوانين بدائية غير صالحة في أغلبها لمجابهة تقلبات السوق وسرعة توسعها في حين أن دول أخرى لم تكن لها مثل تجربتنا أصبحت اليوم لها هيآت وطنية للغذاء والدواء قوية وعصرية تراقب وتعدل سوق الأدوية والمواد الطبية والكيماوية وحتى المنتجات الغذائية المستوردة والمحلية.
من المؤكد أن هناك فساد كبير في كل مؤسسة لها رقم معاملات كبير يقع التصرف فيه بطرق بدائية وبالورقة والقلم بدل الأنظمة الإعلامية المتطورة التي تمكن من متابعة كل تفاصيل مسالك التوريد والإنتاج والتوزيع والإستهلاك.
من المؤكد كذلك أن عددا من بارونات القطاع يتمنون سقوط الصيدلية المركزية بالضربة القاضية لتحرير سوق الأدوية في تونس أو لخصخصة المؤسسة.
ومن المؤكد أخيرا أن كل الوزراء الذين مروا عل وزارة الصحة في العشر سنوات الأخيرة لم يهتموا بتاتا بإصلاح الصيدلية المركزية وآخرهم السيدة الوزيرة بالصدفة سميرة مرعي التي كان شعارها لمدة سنة كاملة في الوزارة: لا تفعل شيئا حتى لا تغضب أحدا حتى تستمر أطول مدة ممكنة في منصبك في حين أن الصيدلية المركزية كانت تغرق أمام أعينها.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock