هيبة الدولة لا علاقة لها بهيبة النظام
نور الدين الختروشي
هيبة الدولة مفهوم غائم ومستشكل وهو غالبا ما يحيل على “ذاكرة الرعب” وقمع أجهزة الدولة البوليسية التي جثمت على صدورنا طيلة تاريخها السياسي الحديث.
المقصود من الهيبة معروف وليس لنا ما نظيف فيه فهو يرتكز على قاعدتين أساسيتين الأولى حق الدولة في احتكار العنف والثاني واجبها في التزام أجهزتها التنفيذية بضوابط القانون في ممارسة ذلك العنف. فالعنف الشرعي هو ما يمارس باسم القانون.
وهيبة الدولة لا تستمدها من قدرتها الردعية واحتكارها حق “العقاب” بل من مدى التزامها بعقدها المدني ومقتضياته القانونية المنبثقة عنه وبمبدأ المساواة في تطبيق القانون.
مهابة الدولة ليس الخوف منها، وهيبة الدولة لا علاقة لها بهيبة النظام، وما يقلق في “خطاب الهيبة” اليوم في تونس هو وعينا من جهة بضرورة أن تستعيد الدولة حضورها ودورها الوظيفي وهيبتها وفاعلية أجهزتها. وخشيتنا الحقيقية من الالتباس والخلط والانحراف بهذا الهاجس الوطني العام ليتحول إلى بوابة لعودة عقد الإكراه والعنف الممنهج للحفاظ على أمن واستقرار النظام والنخب المستفيدة منه. هنا موطن الاستشكال الحقيقي، فبين رغبتنا الصادقة في عودة الأمن والاستقرار وإطلاق ورشة الإصلاح الشامل التي تنتظر البلد، وبين الشك والريبة في النخبة الماسكة بمفاصل صنع القرار ورغبتها المعلنة والخفية في استعمال أجهزة الدولة وفي مقدمتها جهازها الردعي للحفاظ على السائد وحماية مصالح الجهات المتنفذة في النظام القائم..
بين “الحد الجاذب” المتصل بحاجة الديمقراطية لهيبة الدولة وقوة حضورها، وبين “الحد الطارد” المتصل بممكن الإنحراف بهذه الحاجة للتحول إلى حاجة الإستبداد لتفعيل آليات عودته الناعمة باستغلال غموض ورخوية والتباس مفهوم الهيبة… بين الحاجتين. على التونسيين في هذه المرحلة الدقيقة أن ينتبهوا إلى “شباك الهيبة” المفتوح بإجماع وطني… فمن ذلك الشباك قد تأتينا ريح صرصر تعبث بالبيت وما احتوى،،، وقد تهدمه على من سكن..