تدوينات تونسية

ضعف الإقبال على المحلًيات: الأسباب والتّداعيات..

صالح التيزاوي
كما كان متوقّعا شهدت الإنتخابات البلديّة نسبة إقبال ضعيفة مع أنّها الأولى في تاريخ تونس الحديث ورغم ذلك لم تنجح في جذب اهتمام الكثيرين الذين آثروا البقاء في المقاهي وفي بيوتهم على عكس ماجري في انتخابات2011. فما هي الأسباب ؟
1. ذهب الحزبان الكبيران إلى المحلّيات دون إنجازات تذكر منذ انتخابات أكتوبر 2014، ودون حلول للأزمات المستفحلة في البلاد (البطالة، غلاء المعيشة، غياب التّنمية، التّهريب،الفساد، التّهرّب الضّريبي)، وسط إحساس يكاد يكون عامّا بانعدام الأمل في تجاوز تلك المشكلات.
2. إخفاق الحزبين الكبيرين في الوفاء ولو بالبعض من الوعود الإنتخابيّة التي اصبحت تنعت عند غالبيّة النّاس بالكاذبة حيث عدنا إلى مرحلة ما قبل الثّورة التي تميّزت بانعدام الثّقة بين الشّعب ومن يحكمه.
3. لم يغفر الكثيرون للحزبين الكبيرين تمرير قانون المصالحة الإداريّة رغم المعارضة الشّعبيّة حيث رأوا فيما جرى انحيازا للصوص المال العام على حساب الشّعب الذي ثار ذات شتاء من العام 2011 علي “عصابة السّرّاق”. فهل من المعقول العفو عنهم بعد الثّورة مهما كانت المسوّغات ؟
4. لقد ألقت أزمة التّعليم الثّانوي بظلالها على الحملات الإنتخابيّة: ذلك أن حوالي سبعين ألف أستاذ ومعهم عائلاتهم وأكثر من مليون تلميذ وطالب ومعهم عائلاتهم هؤلاء جميعا كانوا منشغلين بمآلات العام الدّراسي، وكان السّؤال المطروح: هل ستكون سنة بيضاء؟ ولم يروا من حكومة الحزبين الكبيرين جهدا واضخا لتجاوز تلك الازمات وطمأنة كلّ المتداخلين في العمليّة من اساتذة وتلاميذ وطلبة وأسر. فهل من المعقول ان ينزل للتّصويت من كان إبّان الحملة الإنتخابيّة غارقا في مستنقع أزمات لم تبد حكومة الأغلبيّة جدّيّة في حلحلتها.
عندما نحلّل أسباب ضعف المشاركة في الإنتخابات البلديّة ونرجع ذلك إلى انعدام الثّقة في الحكومات المتعاقبة بعد الثّورة فإنّ السّؤال الذي يقفز إلى الذّهن: لماذا لم ينزل النّاس بكثافة ويصوّتوا للمعارضة ؟
يمكن إرجاع ذلك إلى سببين رئيسيين:
أوًّلهما: انعدام ثقة التّونسي في كلّ الأحزاب حتّى المعارضة بسبب انتهازيّتها فهي لا تعارض من منطلقات مبدئيّة وإنّما دفاعا عن ايديولوجياتها ومصالحها الحزبيّة وبحثا عن التّموقع وبعضها يخوض معارك مجتمعيّة وسياسيّة بالوكالة عن آخرين.
ثانيهما: أنّ الأحزاب المعارضة لم تركّز على نقاط ضعف الحكومات المتعاقبة، وعلى مكامن الفشل في إدارة أزمات البلاد ولم تطرح بدائل مقنعة يمكن ان تجذب النّاخب لها وإنّما انشغلت بترذيل خصومها لقد كانت حريصة على خسارة الآخرين أكثر من حرصها على أن تفوز لتكون بديلا لمن تعتبرهم فاشلين، ربّما لأنّها لا تمتلك برامج أصلا.
ماهي تداعيات الإنتخابات المحلّية؟
مهما قيل عن ضعف المشاركة ومهما حاول البعض استغلالها للتّشكيك في “شرعيّة” الوضع الجديد بعد الإنتخابات، وللتّقليل من شأن الأحزاب الفائزة فإنّها ستبقى علامة بارزة على تقدّم المسار الدّيمقراطي والإنتقالي في تونس حتّى وإن كان بخطى بطيئة ورغم تعثّر الإنتقال الإقتصادي.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock