لماذا يستقبلونه استقبال الأبطال ؟
صالح التيزاوي
بعد لندن وواشنطن جاء الدّور على باريس لتستقبل محمّد بن سلمان إستقبال الأبطال وإن بفتور أقل، ليس بسبب سجلّه السّيّء في حقوق الإنسان، ولكن لكونه لا يحمل في جرابه صفقات مربحة لباريس في مجال شراء الأسلحة خاصّة، حيث مازالت فرنسا تأتي بعد أمريكا وبريطانيا لدى السّعوديّة في شراء الأسلحة.
لاشكّ أنّ ذلك الإهتمام المصطنع من عواصم تباهي بتاريخها في مجال الحقوق والحرّيّات بمن يعتبرونه خطرا على حقوق الإنسان، لا شكّ أنّ ذلك يخفي وراءه واقعا معقّدا: تدرك جيّدا تلك العواصم الغربيّة أنّ صورة المصلح التي يحاول ابن السلمان التّرويج لها تخفي وراءها واقعا مظلما. فهو قد قاد عمليّة إنقلابيّة داخل العائلة المالكة وحكم بالسّجن وبالموت على معارضيه واحتجز آخرين خارج القانون لنهب ثرواتهم، ودمّر اليمن ووأد أطفاله وفاقم معاناته الإنسانيّة بتفاقم المجاعة وتفاقم الأمراض. فهم يعتبرونه شخصيّة متهوّرة ولكنّهم بحاجة إلى أمواله وإلى ثروته الطّائلة. لذا فهم يستغلّون سجلّه السّيّء في مجال حقوق الإنسان لمزيد إبتزازه تحقيقا لمصالحهم.
مهما حاول ابن سلمان التّخفّي وراء صورة المصلح الذي سمح أخيرا للمرأة السّعوديّة بقيادة السّيّارة وسمح بالسّهرات المختلطة فإنّه يبقى مجرّد عميل جديد يمكن أن يدفع أكثر من سابقبه. وهو يعلم جيّدا أنّه لن يستطيع أن يكون الملك الفعلي للسّعوديّة دون تأييد أمريكا وبقيّة العواصم التي زارها. لذا تراه مستعدّا لتغيير الدّين والأفكار والمناهج التّربويّة وربّما حتّى العادات خدمة للمشاريع الأجنبيّة بما في ذلك إقامة علاقات “طبيعيّة” مع الكيان الصّهيوني مقابل الوصول إلى الملك والتّغاضي عن جرائمه في مجال الحقوق والحرّيّات.