هذا ما جنته ثقافة الممانعة والتجانس على سوريا
صالح التيزاوي
ذات يوم في العشرية الأولى من الألفية الثالثة ألقى بشار خطبة نارية في قمة جامعة الدول العربية وصف فيها حكّام العرب بأنهم أشباه رجال وأنصاف رجال. نظرت في وجوه الحاضرين “مخاليع” الثورات العربية لاحقا وكان من بينهم: بن علي، مبارك، القذافي، صالح وآخرين ليسوا أقلّ منهم خيانة ورذالة.
نظرت يومها في تلك الوجوه البائسة وقلت إن بشارا على حق. لم أشعر بأي تعاطف معهم لأنهم كانوا نكبة على شعوبهم. وقد جاء في رسالة عمر بن الخطاب لواليه أبو موسى الأشعري: “أشقى الحكام من شقيت به رعيته”. بل غمرني شعور هائل بالغبطة بسبب ذلك التّوصيف، وهيّأت لي نفسي بأنّ بشار الأسد مقدم على عمل لا يفعله إلّا الرّجال “بصّرت ونجّمت” ثمّ قلت: ها قد أزفت ساعة التّحرير، قريبا جدا ستعود الجولان منصورة إلى أرض الوطن، وعن قريب سنصلي خلف الزعيم الممانع في المسجد الأقصى.. وسيحقّق ما عجز والده عنه، وما عجز عنه أنصاف الرّجال.
غير أن محنتنا أضحت أقسى… منذ ذلك اليوم والزعيم الممانع يمارس “رجولته” في شعبه: قتلا وتهجيرا وإذلالا. من نجا من براميله المتفجّرة والصّواريخ المحشوّة بغاز الكلور المركّز وغاز الأعصاب وغاز السّارين، ومن أخطأته وحشيّة الرّوس، ومن كتبت له النّجاة من حصار طويل بقيادة “أسد المقاومة”… من نجا من ذلك كلّه وكتب اللّه له عمرا لم تقدر عليه آلة الموت وجد “شبّيحة بشّار” بوجوههم الكالحة يذلّونه بما هو أقسى من المحرقة: شربة ماء وقطعة خبز مقابل الهتاف بحياة بشّار. كم يجب أن يقتل من شعب سوريا حتّي يشفي حاكم الممانعة غلّه ويحقّق رجولته على الأطفال والنّساء ويبلغ هدفه من القتل “تحقيق المجتمع المتجانس” ؟ مشهد الأطفال وقد تكوّرت أجسادهم الطّريّة وتكدّس القيء على وجوههم البريئة جريمة عصر، المأخوذ بها حاكم أسرف في القتل ومجتمع دوليّ منافق.