عبد الله المرهّز يدخل دار الثقافة
الخال عمار جماعي
وجاء “عبد الله المرهّز” إلى المدينة يسعى ولا يدري كيف اجتنب مظاهرة سياسيّة فوقع في دار ثقافة ! ولأنّه أخذ بعض نصيب من “الثقافة” والكتب، أطلّ برأسه كقطّ من باب موارب خمّن أنّ وراءه نشاطا من رجع صدى البوق وخشخشته التي يسمعها ! استعاذ بالله من السياسة التي أنامت جذعه عن الواجبات فتفقّد نفسه قليلا !.. دفع الباب وانسرب كحنش نحو أوّل كرسيّ.
بدأ عبد الله يكتشف المشهد: جمع أغلبه نسوي “ممكيج” وبعض الرجال “يكحّلون بأعينهم” وعبد الله كقنفد يتكوّر في مقعد لا يريح أليته من داء البواسير اللّعين ! لكن هناك في صدر المجلس الثقافي تجلس إمرأة جميلة جدا تبتسم عن لؤلؤ منضود، وكان هذا كافيا ليُسعد عبد الله الذي تفوح زوجته برائحة البصل الأحمر !..
بدأت إمرأة نصفٌ في كلّ شيء بتقديم تلك “السّخطة” فإذا هي والله شاعرة يا عبد الله المشغول بالسياسة التي تنيم المشاعر وأشياء اخرى !..” نشرت شاعرتنا ديوانين وشاركت في أماسي خارج الوطن وترجموا شعرها إلى ثلاث لغات وأسست كذا وكذا..” وعبد الله مشدوه ومشدود للمناطق !
وضعت نظارتين على أنفها الصغير فكأنّ عبد الله يرى أرنبا صغيرة تقرض جزرة.. وعبد الله يحبّ رفس الجزر في الكسكسي الوطني.. فتحت كتابها وطفقت تشعُر وعبد الله لا يكاد يشعر !.. وجاءت القصيدات المقصّدات تقصّدا.. وانتبه عبد الله على التصفيق فقام يصفّق ولكنّه توجّع من وخز البواسير !.. فقال في نفسه: “انتبه يا عبد الله البغل لكلام السيّدة.. فو الله ما صفّقوا إلاّ من سحر القول.. وأنت متمكّن فأفهم لا أمّ لك “خجل من الدعاء على نفسه وقرّر أن يسمع.. فسمع.
(أسمّيك التّراب
وأحرض عليك السيول. يول يول يول
وأناجيك في الليل والنهار.. هار هار هار
وعندما أنام على مخدّتي.. دتي دتي دتي
أحبّك في أحلامي.. لامي لامي لامي..)
وهاج التصفيق على عبد الله فكأنه يسمع درر “المفضيات” أو “الجمهرة”.. إلتفتت إليه إمرأة واضعة يدها على صدرها وقالت: “ما أروع كلامها !.. إني أطير معها في الفضاء ضاء ضاء ضاء.. شفت حراير تونس ؟”.. قال عبد الله متأثّرا وعيناه تغرقان في دمعه: “والله شي يضعضغ !” ثمّ تفل على الأرض.. قالت متعجّبة: ” على من تتفل ؟” قال: “لا.. وإنما تذكّرت رجلا إسمه “الخال عمّار جماعي”!!
“الخال”