“بربورة” يعيد إلى الأذهان سيرة “المخلوع”
صالح التيزاوي
تفاجأ التًونسيّون بإقدام القناة الثّانية على قطع البثّ الفضائي تزامنا مع أداء الشّابّ والمعارض المستقل ياسين العياري القسم. وتحت سيل عارم من الإحتجاجات داخل المجلس النّيابي وعلى صفحات التّواصل الإجتماعي تداركت الجهات النّافذة الأمر وأقالت مدير القناة الثّانية. فهل أطاح به “اجتهاده”؟ أم أطاحت به تعليمات سرعان ما تبرّأ أصحابها منه؟ أم أنّ القطع كان لأسباب فنّيّة لا غير؟
قطع البثّ أعاد إلى الأذهان ما قام به “المخلوع” إبّان انعقاد “القمّة العالميّة حول مجتمع المعلومات” بتونس العام 2005 عندما قطع الإعلام النّوفمبري البثّ عن كلمة الرّئيس السّويسري الذي انتقد وضع الحرّيّات بتونس وما تشهده البلاد من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ها قد مرّت سبع سنوات على ثورة الحرّيّة والكرامة ومازالت الممارسات النّوفمبريّة تطلّ برأسها من حين لآخر وتهدّد التّونسيين في مكسبهم الأوحد من الثّورة: “الحرّيّة”… الإعلام “الوهّابي” مازال نافذا ومازال يصرّ على تخريب المسار، كان قبل الثّورة ذراع المخلوع لملاحقة معارضيه وتشويههم، وهو اليوم ذراع الثًورة المضادّة.
منذ أيّام قال أحد الإعلاميين الطيّبين “لا تشيطنوا الإعلام من أجل بضعة زنوس”… ولكن يبدو أنّ من اعتبرهم “بضعة زنوس” هم أكثر من ذلك بكثير. ملؤوا الفضائيات والإذاعات ونصبوا منصّات لقصف الدّاخل الجديد لمجلس نوّاب الشّعب بإرادة من الشّعب التّونسي. كمّ هائل من البرامج تسلّحت بوقاحة العهد النّوفمبري البائد، وبحقد الثّورة المضادّة وتحوّلت إلى محاكمة للنّائب والمعارض الشّابّ في غيابه. حتّى أنّ أحدهم (من شباب سبع نوفمبر) قال في حسرة “اعطاك الوقت يا ياسين”. وعلّق آخر (من كهول سبع نوفمبر) في مرارة على حكم المحكمة الإداريّة القاضي برفض الطّعون الإنتخابيّة المقدّمة من الحزب المتضرّر من خسارة مقعد ألمانيا “كان على القضاء أن يتريّث”.
وحتّى شيخ النّظام القديم فقد أخطأ في اسم النّائب الجديد مرّتين ولم يهتد إلى الصّواب إلّا في المحاولة الثّالثة. تلك المواقف ليست مستغربة ممّن انحدروا من آفاق لا تؤمن باستقلاليّة القضاء ولا بحرّيّة التّعبير ولا بانتخابات تعدّديّة ونزيهة. وليس في أذهانهم متّسع لفوز معارض على مرشّح الحزب الحاكم… ياسين العيّاري أعطاه الشّعب وأعطته ثورة الحرّيّة الكرامة فممّ تغضبون؟