صالح التيزاوي
قال زعيم الإنقلاب العسكري في مصر مفتتحا حملة انتخابيّة مبكّرة لا ينافسه فيها أحد لأنّ العناية الإنقلابيّة خصّته بكرسيّ الرّئاسة دون غيره من سياسيي مصر ومثقّفيها لأنّهم “أشرار” وهو قد انتدب نفسه لمقاومتهم. “الأشرار” كلمة فضفاضة تتّسع لكلّ من يطعن في أهليّته للحكم ولمن يشكّّكون في حكمته ولمن يتمنّعون عن الخضوع لجنونه.
يقول من أعلن نفسه “إله الخير”، بأنّه “موش بتاع كلام” و”موش بتاع سياسة”. أمّا ألأولى: (موش بتاع كلام) فهمناها جيّدا فهو “بتاع” قتل وحرق واعتقال وتخريب. وأمّا الثّانية: “موش بتاع سياسة” فهذه “شطحة” غير مسبوقة لأنّ كرسيّ الرّئاسة في قلب السًياسة. فماذا يفعل إذا لم يكن منشغلا بالسّياسة؟ ربّما كان محقّا على معنى أنّه لا يفهم في السّياسة. كلام أقرب إلى الهذيان منه إلى ما يمكن أن يمتّ بصلة إلى السّياسة ولا إلى الفكر. بدا زعيم الإنقلاب متوتّرا، خائفا من الموت. كلمته مقطّعة الأوصال، مشحونة بالوعيد والتّهديد لشعبه إن هو تجرّأ وعبّر عن تطلّعه إلى الحرّيّة كما فعل إبّان الثّورة التي أطاحت بمبارك. فهل باتت الحرّيّة “شرّا” وجبت مقاومته على عهد السيسي؟ من تابع كلمته الجامحة (وليست الجامعة)، يجد صعوبة في فهمه او في الردّ عليه لأنّه كلّما نطق برأس جملة تركها ليطارد غيرها دون أن يكتمل معنى الجملتين (مابيجمّعش). من يصدّق أنّ هذا المستبد صفّق له قومجيّون وشيوعيّون في تونس يوم انقلب على الشّرعيّة ورقصوا طربا على صور القتل الجماعي التي تناقلتها الفضائيات من رابعة والنّهضة!!! كلّ الرّؤساء عندما يترشّحون لولاية ثانية يذكّرون بإنجازاتهم في التّنمية وفي الشّغل وفي الفنّ وفي الفكر، صدقا أو كذبا، إلّا المنقلب فإنّه يتباهى بعدد ما سجن وبعدد ماقتل وبحجم ما خرّب. بتّ على يقين أنّ عبارة “مستبدّ” لا تكفي لوصف السّيسي ولا كلمة “مجرم” تفي بالغرض. فهو أعقد من ذلك بكثير، قد لا نجد له شبيها. لقد تفرّد بقسوة وبجنون وبغباء باد على ملامحه وبقدرة نادرة على الكذب وبوقاحة هيّأت له أنّ كرسيّ الرّئاسة ملكا خاصّا ليس لأحد أن ينافسه عليه، فهو “مفوّض” لحكم المصريين أو لقتلهم.
زعيم الإنقلاب ألقى كلمته بين خاصّة خاصّته وهو يدير لهم ظهره… إنّه الخوف من الخوف ومن اللّاشيء لقد أضحى يقرّر نيابة عن القضاء حتّى وإن كان فاسدا ومأجورا، ويقرّر نيابة عن العسكر حتّى وإن كان شريكا في الجريمة، ويقرّر نيابة عن برلمان حتّى وإن كان صوريّا. لك اللّه يا مصر.. لقد بات زعيم الإنقلاب كارثة على المصريين “بحجم إعصار أو زلزال” لا يبقي ولا يذر.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.