ماكرون..
محمد ضيف الله
لم أسمع بأي وقفة احتجاجية أو حتى تنبير فيسبوكي على زيارة ماكرون. ألأني غير متابع للأحداث؟ فإن لم يكن ضد فرنسا التي استعمرت بلادنا، وامتصت خيراتنا وقتلت آباءنا وأجدادنا، فذاك ماض بعيد رغم أنه ليس أبعد من الماضي العثماني للذين تذكروه.
وإن لم يكن ضد فرنسا التي مكنت الكيان الصهيوني من التكنولوجيا النووية بما جعل الصهاينة يبسطون أيديهم على المنطقة العربية، فعلى الأقل نتذكر فرنسا التي دعمت نظام بن علي إلى آخر رمق وكانت تمتدحه لمجرد أن التونسيين يأكلون ويشربون، فرنسا التي تتدخل في شؤوننا بكل تفاصيلها، وتتحكم في أحزابنا وفي إعلامنا وفي جمعياتنا ومجتمعنا المدني وفي مدارسنا وفي كلياتنا وفي ثقافتنا، بما فيها من كتابنا ومسرحنا وسينمانا ورسمنا التجريدي.
نعم اليوم يتفق الوطنيون واليساريون والإسلاميون والديمقراطيون والقوميون، في وحدة وطنية صماء، على الترحيب بماكرون الذي يمثل فرنسا. لقد هبطت عليهم جميعا مشاعر “رجال الدولة” المسكونين بـ”المسؤولية” و”المصلحة العليا للوطن”، أم هو الخوف أو الطمع أو مجرد خضوع للمسؤول الكبير؟ هم يختلفون حول كل شيء ومستعدون للاختلاف حول كل شيء، إلا هذه المرة، فهم متفقون حولها. الحمد لله وأخيرا اتفقوا على شيء… ماكرون.