تدوينات تونسية

إسطنبول بلاد “القلوب البيضاء”

عايدة بن كريّم
منذ مدّة زرت اسطنبول (بلاد القلوب البيضاء)!!!
تبدأ الملاحظات من المطار: في بوابة الخروج مضيفة تونسية عاملة 3 كلغ من المكياج وسابغة شعرها أصفر فاقع وتعلك في اللوبانة وعندها ابتسامة مُصطنعة تفجع.
تركب في الطائرة التابعة للخطوط التركية (مواعيد مضبوطة) ورحلات في موعدها ومضيفات غاسلين وجوههم بالماء والصابون ابتسامتهم تعطيك شعور بالإطمئنان وأثناء تقديم الوجبة “وسع بال” و”ابتسامة” لا تُفارق الوجه… يلعبن دور السفير ويُعطين صورة مُشرقة عن تركيا… يوزّعن على الركّاب الماء والعصير والويسكي والبيرة…
تهبط في مطار أتاتورك أووووووووف… 5 أضعاف مطار تونس قرطاج، خدمات سريعة رغم العدد الهائل من الزائرين الأجانب (صينيين وأوربيين وماليزيين وأفارقة…).
أمام المطار سيارات أجرة وحافلات في طوابير منظمة ولا صياح ولا فكّان… وأنت في الطريق تُصاب بالذهول مباني عالية ومعمار أوروبي وشوارع واسعة ونظافة ولا في الأحلام… حدائق ومنتزهات ومناطق خضراء وشعب رايض ومستكفي بروحه. ولا وجود للبوليس لا في مُفترقات الطرق ولا تحت القناطر.
سأتحدّث على وسائل النقل العمومي:
عندهم: المترو والترونفاي والميني باص والحافلات. ركبت على الأقل 8 مرّات في الترونفاي في أوقات مُختلفة وفي أيام مُختلفة وفي اتجاهات مُتعدّدة.
أولا: منظومة الإستخلاص فيها الكثير من الإحترام للمواطن carte magnetique وموزّع آلي للتذاكر ولا تدخل المحطّة إلاّ باستعمال الكارط. يعني لا شبابيك ولا أعوان مراقبة ولا ترسكية ولا خوذ فيّا ناخذ فيك.
داخل المترو تشعر بالإطمئنان نظافة ونظام وسلوك حضاري وكلّ واحد لاهي بروحو تتكلّم عربي، فرنسي لا أحد يلتفت. الكراسي ما فيهمش حتى خبش والأرضية تحشم باش تعفس عليها. وفي كلّ محطّة صوت ملائكي يُعلمك بالمحطّة وإلى أين تأخذك وتذكّرك بوجهة الترومفاي.
شعب نظيف ورايق ولابس مليح ومُتصالح مع هويته: تُدقّق في نظافة اليدين وفي الأحذية وفي الشعر وفي الهندام وفي الوجوه (محجّمة ونظيفة ومُشرقة).
في الميني باص: الشوفور يستنّاك ويحلّك الباب وما يتلفّتش… بجانبه صندوق تحط فيه الفلوس وتمشي تقعد (لا تذكرة ولا كونترولور). وزيد وين تحب ياقف ويهبطك.
مُستحيل تشوف واحد ركب وما خلصش وإلاّ راجل كبير يركب وما ياقفولوش الشباب ويعاونوه. والأولوية دائما للنساء. الباص مُكتض في ساعات الذروة لكن لا تشعر بالقلق ولا تشمّ روائح كريهة ولا تحسّ أنّ هناك شكون يدزّ فيك. كلّ واحد يتحرّك في المربع المُخصص له.
الشعب التركي يحمل بين كتفيه هوية ووطن وحضارة… والدولة تحترم مواطنيها.
حاولت أن أرى أي أثر للقلوب البيضاء… فقط في شكاير مُخصّصة للتصدير.
أردوغان زعيم قومي بنى صورته وأسس شرعيته بالإشتغال على تحقيق رفاه وراحة شعبه ومسيرته بدأت من أسطنبول… 20 مليون نسمة (علمانيين وإسلاميين ولا دينيين..) يتحرّكون في مدينة نظيفة (ما تشوفش عقب سجارة في الشارع) ومنظمة (الترمفاي يشق وسط العاصمة والمترو في النفق يهبطوا بالمصعد 3 طيقان) ومن غير بوليسية ولا كنترولور ولا نقابات…

القلوب البيضاء التركية

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock