تونس تعيش حالة من التوتر الاستراتيجي أو الممنهج
ليلى الهيشري
يتراءى لكل المواطنين أن الوضع التونسي الحالي يعود لغلاء المعيشة وارتفاع ظاهرة البطالة في صفوف الشباب مقابل اهمال الحكومة وسلبيتها في التعاطي مع المواضيع الملحة في البلاد وإذا ما تم النظر جليا في الواقع السياسي التونسي ينتابك الهلع مما يتوارى وراء ستارة الاوضاع الاجتماعية التي اصبحت قوالب جاهزة وكليشيهات مهترئة لإخفاء مصائب لا تحصى ولا تعد.
1. أموال الدولة انتهت وكثرت عمليات التداين وأصبح من الصعب اخفاء حالة شبه الافلاس التي تعيشها البلاد ونظرا لعدم قدرتها لا على اثبات تهمة الفساد ولا ارجاع الاموال المنهوبة من الفاسدين ومختلف تلك الجرائم علما وانه لم يتم مد الدولة بأية معلومة حول مآل الاموال والممتلكات المصادرة في السنوات الفارطة التي تلت الثورة، وهو ما أدى الى زيادة الضرائب بتلك الطريقة المشطة على المواطن العادي بينما عجزت في مرحلة سابقة عن تأهيل القوانين المنظمة لبعض القطاعات المتهربة من الضرائب واجبارها على دفع ما تخلد في ذمتها ولقد سبق وجربت حظها في ميزانية السنة الفارطة بفرض ضرائب على المحامين والاطباء والمهندسين الخ ولم تنجح بل تراجعت.
2. السكوت المريب للنهضة أمام اتهامات الاحزاب المنافسة لها ولنقلها صراحة الكارهة لها، وتلك التي استغلتها لبلوغ اهدافها، هو في حد ذاته أمرا مريبا لم أعرف له سببا أو تبريرا يذكر، أما وقد أصبحت النهضة مرمى حجر مباشر للنداء في العلن خاصة مع قرب انتهاء الفترة الرئاسية والتشريعية فهو أمر لا يبشر بخير. وعليه هناك فرضيتان لا ثالث لهما :
الاولى: النهضة على علم بأنها غير مرغوب في خوضها المرحلة الانتخابية القادمة وهي تحاول تجاوز كم الاستفزازات التي تتعرض لها، وهي محاولة لقيادة المركب تحت الرياح حتى تمر العاصفة وتبلغ هدفها.
الثانية: اعداء النهضة او أصدقاء النظام العسكري التي عملت على دعم النظام المصري وتحاول الاستيلاء على الساحة الليبية / بصدد بحث امكانية تمرير النظام العسكري في تونس، مستغلة الوضع الاقتصادي الذي يمثل نقطة ضعف تحاول الدولة تهميشه والتقليل من شأنه وهو السبب الرئيسي في اقتلاع زين العابدين بن علي ولن يكون سابقة في حد ذاته فكلما جاعت الشعوب ثارت والتاريخ الفرنسي كان أبرز مثال على تلك الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها في تونس، ونحن الان بصدد تكرار نفس الاخطاء مقابل ضعف وميوعة مهنية وقدراتية في التصرف مع الاوضاع الراهنة، وأؤكد على أن الحكومات التي استولت مكرا وكذبا على المناصب الحكومية في تونس لم تكن تسعى لإصلاحها بل كانت تحاول اما التخلص من عقد الكبت والنقمة التي كانت تعيشها نتيجة فترة ما قبل الثورة او أنها تحاول بناء ما حرمت منه من أموال ومناصب ونفوذ تعتبره حقا حرمت منه وعليه فإن الشعب التونسي يعيش خطرا فعليا طالما أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي لم يتقدم منذ 7 سنوات قيد أنملة.
والاخطر من كل هذا، إذا لم تصل تونس الى المرحلة الانتخابية المقبلة فكيف ستكون الفترة القادمة خاصة وان هناك مؤشرات قوية ترمي الى محاولة الحؤول دون قيام انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة والزمن كفيل بإثبات ذلك.