جبهة “وسطية تقدّميّة” أم “جبهة شقوق وأضداد”
صالح التيزاوي
أعلن خلال الأيّام القليلة الماضية عن تأسيس جبهة برلمانيّة، اختار لها مؤسّسوها من العناوين “الجبهة الوسطيّة التّقدميّة”.
وتتكوّن من نوّاب حركة مشروع تونس لـ”مالكها” محسن مرزوق، وكانوا قد انشقّوا عن نداء تونس (الحزب والكتلة البرلمانيّة). وتتكوّن من بعض نوّاب كتلة حزب “آفاق تونس” الذي يرأسه ياسين إبراهيم. كما تتكوّن من بعض النوّاب المفصولين من نداء تونس، ومن مستقلّين. فهل اكتشف أخيرا المجتمعون في “الجبهة الوسطيّة التّقدّميّة” أنّ الأحزاب والكتل التي انشقّوا عنها ليست وسطيّة ولا هي تقدّميّة؟ وهل تملك هذه الجبهة مقوّمات البقاء أصلا؟
عندما يلتقي منشقّون، ومن بنوا مشاريعهم على نفي الآخر في جبهة واحدة، فإنّ أسئلة عن الدّوافع والأهداف المعلنة والخفيّة تقفز إلى الذّهن. يقول مؤسّسو الجبهة الجديدة أنّ المشهد البرلماني يعاني من خلل بيّن، ومن بطء في الأداء التّشريعي وبالتّالي فهم يهدفون إلى “تعديل” المشهد البرلماني وتحسين الأداء التّشريعي. هذا من جهة الأهداف المعلنة، أمّا من ناحية الأهداف غير المعلنة فليست بمعزل عن حركة النّهضة، ومحاولة إيجاد كتلة تعادلها في واقع تآكلت فيه كتلة النًداء بعد الذي أصابها من تشقّقات افتتحها أحد أقطابها صاحب “حركة مشروع
تونس”. وهو سياسيّ “قلّب”، لا يثبت على حال، تميزّت سيرته بعد الثّورة بإحداث الشّقوق والجبهات، مسكونا برغبة الإمساك بالسّلطة مهما كان الثّمن. وكلّما ضاقت جبهة عن تلبية طموحاته تركها إلى غيرها.
المكوّن الرّئيسي الثّاني من مكوّنات الجبهة الجديدة، شقّ من كتلة آفاق تونس، الحزب الذي خرج متضرّرا من حكومة السّيّد الحبيب الصّيد بفعل شبهات الفساد التي طالت رئيسه لمّا كان على رأس وزارة التّنمية والإستثمار والتّعاون الدّولي فيما يعرف بقضيًة بنك “لازار”. اعتبر ذلك من ياسين إبراهيم انتقاصا من السّيادة الوطنيّة وازدراء للكفاءات التي تزخر بها الوزارة، وتمكينا للأجنبي في تونس. سعيد العايدي، هو الآخر من نفس الحزب قد طالته شبهات فساد لمّا كان وزيرا للصّحّة فيما عرف بـ”قضيّة اللّوالب” والتي أطاحت به. فهل يريد حزب ياسين إبراهيم الذي لم يكن يعرف عنه أيّ نشاط سياسي قبل الثّورة، البحث عن “ثقل برلمانيّ” يعيده إلى واجهة الأحداث ويشغل ألسنة النقّاد عنه وعن حزبه إلى حين.